تخطى إلى المحتوى

أخطاء يقع فيها بعض المرضى 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصبحه أجمعين… وبعد:

فهذه جملة من الأخطاء التي يقع فيها بعض المرضى أحبت التنبيه عليها رجاء أن ينتفع بها من وقف عليها، عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم «الدين النصيحة».

ترك الصلاة:
من أعظم الأخطاء التي يقع فيها بعض المرضى ترك الصلاة.
قال عبدالله بن شقيق رضي الله عنه: "كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة".

قال ابن القيم:

"لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة من أعظم الذنوب، وأكبر الكبائر، وأن إثمه عند الله أعظم من قتل النفس وأخذ الأموال، ومن إثم الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه، وخزيه في الدنيا والآخرة".

والمريض مادام عاقلاً لا يجوز له ترك الصلاة بل الواجب عليه أن يصلي بحسب استطاعته.

أخي المريض: تذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أم أيمن عند الإمام أحمد: «لا تترك الصلاة متعمدًا، فإنه من ترك الصلاة متعمدًا فقد برئت منه ذمة الله ورسوله».

قال ابن الأثير رحمه الله: " قوله «فقد برئت منه ذمة الله»
أي: أن لكل أحد من الله عهدًا بالحفظ والكلاءة فإذا ألقى بيده إلى التهلكة، أو فعل ما حرم عليه، أو خالف ما أمر به خذلته ذمة الله تعالى".
ولا شك أن المريض أحوج الناس إلى حفظ الله ورعايته.

تأخير الصلاة عن وقتها:
يجب على المريض أن يصلي الصلاة في وقتها على حسب استطاعته، ولا يجوز أن يؤخر الصلاة عن وقتها، قال تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً} [النساء: 103]

وقد عد العلماء تأخير الصلاة عن وقتها من الكبائر، قال الله عز وجل: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} [مريم: 59]

قال الإمام ابن القيم: "وقد فسر الصحابة والتابعون إضاعتها بتفويت وقتها".

قال الإمام ابن باز رحمه الله: "ولا يجوز ترك الصلاة بأي حال من الأحوال بل يجب على المكلف أن يحرص على الصلاة أيام مرضه أكثر من حرصه عليها أيام صحته، فلا يجوز ترك المفروضة حتى يفوت وقتها، ولو كان مريضًا مادام عقله ثابتًا، بل يؤديها في وقتها على حسب استطاعته".

وإن شق عليه فعل كل صلاة في وقتها فله الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير حسبما تيسر له.

ترك الطهارة مع القدرة عليها:
يجب على المريض أن يتطهر لكل صلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة بغير طهور».

فإن كان المريض لا يستطيع الوضوء، يتيمم بالتراب، فإن كان لا يستطيع صلى على حاله ولا شيء عليه، ولا يترك الصلاة.

الجزع والقنوط من رحمة الله تعالى:
بعض المرضى إذا استمر بهم المرض جزع وقنط من رحمة الله تعالى وفي هذا مخالفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه عز وجل».

قال العلماء هذا تحذير من القنوط وحث على الرجاء عند الخاتمة، ومعنى حسن الظن بالله: أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه، فعلى المريض أن يحذر كل الحذر من القنوط واليأس من رحمة الله تعالى.

فعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا تسأل عنهم، رجل نازع الله عز وجل بردائه، فإن رداءه الكبرياء وإزاره العز، ورجل شك في أمر الله والقنوط من رحمة الله».

التسخط وعدم الصبر على أقدار الله المؤلمة:
إن الواجب على المريض تجاه ما أصابه من مرض هو الصبر على هذا البلاء، قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس: «واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرًا كثيرًا».

وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: «ما أعطي أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر».

قال شيخ الإسلام رحمه الله: "الصبر على المصائب واجب باتفاق أئمة الدين".

وقال تلميذه ابن القيم: "وهو واجب بإجماع الأمة، وهو نصف الإيمان فإن الإيمان نصفان، نصف صبر ونصف شكر".

أخي المريض: عليك بالصبر فإن الله جل جلاله يحب الصابرين.

التعلق بغير الله تعالى من أطباء وغيرهم:
أخي المريض: لاشك أن المسلم مطالب بالأخذ بالأسباب وهذا لا ينافي الصبر والتوكل، قال الإمام ابن القيم: وأما إخبار المخلوق بالحال فإن كان للاستعانة بإرشاده أو معاونته والتوصل إلى زوال ضره لم يقدح ذلك في العبد، كإخبار المريض الطبيب بشكايته.

فلا حرج أبدًا على المريض في التداوي وبذل الأسباب التي تؤدي إلى الشفاء بإذن الله من البحث عن الطبيب الماهر ونحو ذلك.

لكن يجب على المريض أن يعلق قلبه ورجاءه بالله تعالى وأن يعلم أن الطبيب والدواء مجرد سبب للشفاء، والشافي حقيقة هو الله جل جلاله، قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80]

قال الإمام ابن كثير في معنى الآية: "أي إذا وقعت في مرض فإنه لا يقدر على شفائي أحد غيره، بما يقدر من الأسباب الموصلة إليه".

اللجوء إلى السحرة والكهنة والمشعوذين:
إن من أخطر الأمور أخي المريض هو ذهابك إلى هؤلاء الطواغيت من أهل السحر والكهانة والشعوذة لأن هذا كفر والعياذ بالله، قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند والحاكم بسند صحيح: «من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم».

إهمال الدعاء:
أخي المريض: المرض نازل بالعبد بقدر الله تعالى، وهو القادر على رفعه، فعليك بالدعاء، فإنه سلاح المؤمن، روى الترمذي بسند حسنه الألباني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء».

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "والدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء يدفعه ويعالجه، ويمنع نزوله، ويرفعه أو يخفه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن وله مع البلاء ثلاثة مقامات.

أحدها: أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه.

الثاني: أن يكون أضعف من البلاء، فيقوي عليه البلاء، فيصاب به العبد، ولكن قد يخفه وإن كان ضعيفًا.

الثالث: أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه".

فإن كان هذا حال الدعاء مع البلاء، فكيف يغفل عنه المريض أو يهمله.

إهمال الرقية الشرعية:
قال ربنا تبارك وتعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82]

وهدي النبي صلى الله عليه وسلم التداوي بالقرآن.

قال ابن القيم: "ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة، فما الظن بكلام رب العالمين الذي لو أنزل على جبل لتصدع من عظمته وجلاله، قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82]

وقال أيضًا: "واعلم أن الأدوية الإلهية تنفع من الداء بعد حصوله وتمنع من وقوعه، وإن وقع لم يقع وقوعًا مضرًا، وإن كان مؤذيًا.

والأدوية الطبيعية إنما تنفع بعد حصول الداء، فالتعوذات والأذكار إما أن تمنع وقوع هذه الأسباب، وإما أن تحول بينها وبين تأثيرها بحسب كمال التعوذ وقوته وضعفه فالرقى والعوذ تستعمل لحفظ الصحة وإزالة المرض.

أخي المريض: احرص شفاك الله على التمسك بهدي نبيك صلى الله عليه وسلم من الاستشفاء بالقرآن العظيم والأذكار والأدعية التي كان يحافظ النبي صلى الله عليه وسلم عليها عند المرض.

وإياك أن تكون من الغافلين فهناك من العبادات مالا يتم التعبد بها إلا في حال المرض والشدة.

إهمال أمر الوصية:
أخي المريض: إذا كان عليك حقوق للناس أو لك حقوق عندهم وليس فيها إثبات فيجب عليك أن توصي لئلا تضيع الحقوق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبين ليلتين إلا وصيته مكتوبة عنده».

إن المبادرة بكتابة الوصية سنة نبوية، وكتابة الوصية لا تدني أجل المريض، وعدم كتابتها لا تباعد الأجل كذلك، والمرء لا يدري متى يأتيه الموت.

أخي المريض: احذر من التعدي في الوصية، فالوصية للوارث حرام، والوصية بأكثر من الثلث لمن له وارث كذلك، وإياك الإضرار بالوصية، فإنها من علامات سوء الخاتمة والعياذ بالله.

التساهل في كشف العورة وعدم حفظها:
ستر العورة واجب على كل مكلف، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك».

ويلاحظ أن بعض المرضى يتهاون في أمر العورة ولاشك أن مجرد المرض ليس عذرًا في كشف العورة التي أمر الشرع بحفظها وسترها.

وهذا المنكر له صور:
أ-كشف المرأة لشيء من العورة أمام الطبيب بدون عذر شرعي، مع أن أكثر التخصصات اليوم يوجد فيها نساء.

قال الشيخ الفوزان: "تساهل بعض النساء وأولياؤهن بدخول المرأة على الطيب بحجة أنها بحاجة إلى العلاج، وهذا منكر عظيم وخطر كبير، لا يجوز إقراره، والسكوت عليه".

ب-كشف المريض عورته أمام الطبيب بدون مسوغ طبي يسلتزم كشفها.

ج-عدم ارتداء المريض الملابس الساترة أثناء المرض، إما لأنها قصيرة لا تستر، أو بها فتحات فتظهر العورة من خلالها.

د-ارتداء الملابس الخفيفة، والشفافة التي تصف العورة.

الغفلة وقضاء الأوقات فيما حرمه الله تعالى من سماع الأغاني أو مشاهدة القنوات الفضائية:
المريض غالبًا لديه من الوقت قد يتضايق من كثرته، فعليك أخي المريض أن تحرص على اغتنام هذه النعمة التي غبن فيها كثير من الناس، عليك بقراءة القرآن فإن بكل حرف حسنة، عليك بنوافل العبادات من صلاة، ودعاء، وتسبيح واستغفار، وقراءة وسماع ما ينفعك في دينك.

أقول: من المناسب جدًا للمريض أن يستفيد من وقته في مراجعة أو تعلم هدي النبي صلى الله عليه وسلم في المرض والبلاء، كما أن الناس إذا جاء رمضان بحثوا ما يتعلق بأحكام الصيام مثلاً، فكذلك إذا نزل بالمسلم المرض والبلاء فإن في ذلك مناسبة جيدة لمراجعة الهدي النبوي فيما يتعلق بالمرض.

وأخي المريض: احذر المحرمات، واحفظ جوارحك: السمع والبصر وإياك أن تعصي الله جل جلاله بنعمه فهذا لا يليق بالمؤمن.

وللأسف أن المسلم في هذا الوقت يرى من بعض المسلمين عجبًا إذا ما أنزل بهم المرض، سماع الأغاني وسهر على القنوات الفضائية التي تحارب الله ورسوله ليل نهار، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لا شك أن من قضى وقته في سماع الأغاني، ومشاهدة القنوات الفضائية الماجنة قد أوقع نفسه في الموبقات التي ربما كانت سببًا في سوء الخاتمة والعياذ بالله تعالى.

أخي المريض: أي عافية يرجوها من غفل عن ربه تبارك وتعالى؟!
فالذي يسمع الغناء مثلاً توعده الله جل جلاله فقال: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [لقمان: 6]

وقال الإمام الطبري: "قد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء والمنع منه".

ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
المريض إذا كان عاقلاً بالغًا فإنه مكلف بالأوامر والنواهي، فيجب عليه طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ومن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث قال: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده…».

وهذا هو الذي كان عليه عمل الصحابة الكرام، في صحيح البخاري في قصة مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما دخل عليه شاب، فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض، فقال عمر: ردوا عليَّ الغلام، وقال: يا ابن أخي ارفع ثوبك فإنه أنقى لثوابك وأتقى لربك".

ومن المؤسف حقًا أنك ترى كثيرًا من المسلمين إذا نزل به مرض أو بلاء عطل هذه الشعيرة العظيمة، فيرى المعروف يترك فلا يأمر به، ويرى المنكر يفعل فلا ينهى عنه، ولاشك أن في هذا خطرًا عظيمًا على المريض، لأنه قد عرض نفسه لعقاب الله تعالى وعرض نفسه أيضًا لسبب من أسباب عدم قبول الدعاء فقد روى الترمذي في جامعه وحسنه من حديث حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن أن يبعث الله عليكم عقابًا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم».

الإقدام على بعض الإجراءات الطبية الممنوعة شرعًا:
يجب على المريض أن يعلم أنه ليس كل إجراء طبي مأذون به شرعًا، فهناك عمليات للتجميل وعمليات للتقويم وغيرها يجب على المسلم أن يسأل أهل العلم عن حكمها قبل إجرائها، ولا شك أن في سؤال أهل العلم عن ذلك صيانة من المسلم لدينه، وتجنبًا منه لأسباب سوء الخاتمة قال ربنا تبارك وتعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]

أسأل الله العظيم أن يجنبنا منكرات الأخلاق والأعمال، والأهواء والأدواء، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

كتبته/ عبدالله بن سليمان الحبيشي

دار القاسم

بارك الله فيك

ا

جزاك الله كل خير
سلمت يدايك ع النقل يالغلآ،،

الله يجزآك كل خير..

شكرلكم
الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.