أن كيفية أستعمال الأدوية المفردة أو تدبيرها هي أول ماينبغي أن يبدأ من ذلك بأن تختار الأدوية المفردة وتستجيدها ولاتستعمل منها إلا أفضلها وأخيرها ثم تتعهدا بأن لايخالطها شئ غيرها فتحظ من التراب والغبار والعفن وغيرذلك . ونذكر الأدوية اليابسة من الحشائش والبذور والثمر وغير ذلك مما يحتاج فيه إلى الدق أو السحق فإن كان عندك رحا فهو أفضل فينبغى لك أن تطحنها طحنا دقيقا فإنه أجود ما يعمل بها .أو في هون حجارة المسن إن أمكن , وإلا في هون نظيف مجلي دقا ناعما ثم أنخلها بحرير وكرر ذلك وأسحقها سحقا جيدا حتى تصبح مثل الغبار هذا قول أبن البيطار وأنا أوافقه . فإن الأدوية إذا فعل بها هذا الفعل كانت أبلغ فيما يحتاج من المنفعة . وذلك أن كل ماكان سحقه أنعم كانت أستحالة في المعدةوالكبد أسرع. إلا أن (( جالينوس )) يأمر أن تدق الأدوية (الجوارشنات ) المسهلة دقا ليس بالناعم وأنه إن دق ناعما لم يعمل وينبغى أن يسحق كل واحد من أصناف الأدوية مفردا ثم يصح وزنه الموصوف ثم يخلط بما يراد خلطة.
فأما الصموغ فينبغي أن ينظر فإن كان في ذلك الدواء شراب أوغيره من العصارات فينبغي أن تنقع الصموغ بالشراب أو العصارة حتى تنحل ثم يسق في الهون ناعما حتى تستوى أجزاؤه ويتصل إن كان ذلك الدواء معجون بالعسل الجيد الصافي الطيب الرائحة الذي أذا أخذت منه بإصبعك لم ينقطع سيلانه . ثم يغلى إلى أن ترتفع رغوة وتنزع الرغوة منه إذا أحتيج الى نزع رغوته , ثم يؤخذ لكل واحد من الأدوية المدقوقة ثلاثة أمثاله من العسل إن كان في زمان الشتاء , ومثليه ونصف مثله , في زمن الصيف . ثم يلقى العسل على الصموغ المحلولة بالشراب ويضرب حتى تستوى ويرفعها في إناء من زجاج فهو أفضل في الحفظ ولا يملأ الإناء بل يكون ناقصا أربع أصابع فإن المعجون ربما غلا وارتفع فلا يكون له موضع يتنفس منه فيفسد وربما أنكسر الإناء إذا كان سخينا بل ينبغي أن يكشف الإناء في كل قليل ليخرج الدواء ويتنفس إلى أن يسكن غليانه.
