وجدت دراسة جديدة أن القيلولة مهمة بالنسبة إلى الأطفال في عمر بداية المشي، فهي تخفض خطر إصابتهم بمشكلات تتعلق بالمزاج في حياتهم لاحقاً . وقال الباحثون من جامعة “كولورادو بولدر” انهم وجدوا أن الأطفال في عمر يراوح بين 2 و3 سنوات الذين لا ينامون نهاراً يظهرون قلقاً أكثر ويبدون أقل فرحاً وفهماً لكيفية حل المشكلات .
قالت الباحثة المسؤولة عن الدراسة مونيك لبورغوا، إن النتائج تظهر أن النوم غير الكافي يغيّر تعابير وجه الأطفال، فردّات فعلهم تجاه الأحداث المثيرة تقل إيجابية، وتجاه الأحداث المحبطة تكثر سلبياً .
وأضافت أن كثيراً من الأطفال حالياً لا يحصلون على قسط وافٍ من الراحة، و”بالنسبة إلى الأطفال في سن بداية المشي تعد القيلولة ضرورية” .
وأظهرت الدراسة الجديدة أن النوم غير الكافي الذي يفتقد القيلولة، يؤثر في طرائق التعبير عن المشاعر عند الأطفال، وقد يؤثر في أدمغتهم ويجعلهم عرضة لمشكلات تتعلق بالمزاج على مدى الحياة .
وقالت لبورغوا “كما أن الغذاء الجيد ضروري، النوم الكافي هو حاجة أساسية تعطي للطفل الفرصة الأفضل للحصول على ما يعد الأهم، من الناس والأشياء التي يختبرونها يومياً” .
من جهة اخرى قال علماء إن القيلولة ليست مفيدة لإراحة الجسد وإزالة التعب فقط، بل لتعزيز قدرة الدماغ على الاحتفاظ بالمعلومات الجديدة التي يكتسبها الإنسان .
فقد تبين لفريق باحثين أمريكيين أن الذين ناموا من بين مجموعة متطوعين لفترة 90 دقيقة في اليوم كانت مستوياتهم في اختبارات الإدراك أفضل من تلك التي لنظرائهم الذين ظلوا يقظين خلال اليوم .
وعرضت نتيجة هذه الدراسة خلال مؤتمر علمي في كاليفورنيا .
وقال الدكتور ماثيو وولكر من جامعة كاليفورنيا في بيركلي إن النوم ضروري لأنه “يأخذك إلى أبعد من المكان الذي كنت فيه قبل القيلولة” .
وذكرت دراسة أجرتها أخيراً جامعة كاليفورنيا أن الدماغ قد يحتاج إلى النوم من أجل الاحتفاظ بالذكريات على المستوى القصير ولخلق “مساحة” تساعد على ترسيخ المعلومات التي تعلمها الإنسان .
وتم تكليف 39 شخصاً بالغاً يتمتعون بصحة جيدة بالقيام بمهمة تعليمية صعبة في الصباح ثم سمح لهم بأخذ قيلولة خلال النهار لفترة 90 دقيقة،جرى بعدها إخضاعهم ونظراء لهم لاختبار من أجل معرفة قدراتهم الإدراكية فتبين أن الذين ناموا حازوا في الاختبارات علامات أعلى من تلك التي لنظرائهم الذين ظلوا يقظين .
وتبين من خلال فحص النشاط الكهربائي في الدماغ أن هذه العملية قد تحدث في مرحلة ما بين النوم العميق و”حلم النوم” التي تنتقل فيها الذكريات السريعة من “التخزين المؤقت” في قرن آمون في الدماغ إلى منطقة أخرى تسمى ما قبل القشرة الأمامية للمخ .
وقال مدير أبحاث النوم في منطقة سيري ببريطانيا البروفوسور ديريك جان دجيك “إن دورة النوم واليقظة ليست جامدة كما نظن . . لدينا القدرة على النوم بطرائق مختلفة”، مضيفاً “إذا كان علي تعلم شيء مثلاً فمن السهل القيام بذلك عندما أكون يقظاً ومتنبهاً وليس نعسان” .
ويقول باحثون أمريكيون إن النوم لحوالي عشرين دقيقة قبل الانطلاق برحلة بالسيارة يحفز الحواس على العمل واليقظة ويقي من حوادث المرور التي قد يكون بعضها قاتلاً . وبحسب “ذي هارفارد منز هيلث ووتش” وهي عبارة عن رسالة طبية توفر معلومات ونصائح تتعلق بصحة الرجال فإن النوم لهذه الفترة يزيد اليقظة وينشط حركة الجسم ويجعل المزاج أفضل .
ولكن الرسالة أشارت إلى أن النوم خلال النهار أكثر من 40 دقيقة قد يربك عادات النوم ليلاً ويؤدي إلى الاستيقاظ المتكرر .
ونصحت الرسالة بأخذ قيلولة يومياً بين فترة الظهيرة والساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم نفسه، وعدم النوم أكثر من 20 أو 40 دقيقة لأن ذلك قد يربك عادة النوم ليلاً .
كما نصحت بأخذ ما بين 10 و15 دقيقة للاستيقاظ تماما استعداداً للبدء في يوم عمل جديد بنشاط وحيوية .
ومن جهتهم يقول الباحثون الألمان ان القيلولة القصيرة كافية لإحداث تحسن في الأداء في اختبارات التذكر .
وقال الباحثون في تقرير نشر في مجلة “نيو سيانتيست” ان “إغماض العينين” ست دقائق فقط حسّن عملية تذكر الكلمات .
وقال الباحثون ان فترة نوم قصيرة جدا يمكن ان تطلق عملية التذكر في الدماغ . لكن باحثا بريطانيا لم يوافق على هذه النتيجة وقال ان التأثير في أداء الذاكرة بحاجة إلى فترات نوم طويلة .
وبحثت دراسات عدة في العلاقة بين النوم والذاكرة، وتوصلت إلى نتيجة مفادها ان دورة النوم والاستيقاظ الطبيعية تؤدي دوراً مهماً في هذه العملية . وأراد فريق من جامعة دوسولدورف معرفة كيف ان النوم لفترات قصيرة قد يكون له تأثير ملموس في الذاكرة .
وطلب الفريق من مجموعة من الطلاب تذكر عدد من الكلمات ثم اعطوا استراحة لمدة ساعة قبل الاختبار . وخلال ساعة الاستراحة سمح لعدد منهم بالنوم ست دقائق فيما ظل الآخرون مستيقظين .
وبعد استيقاظهم تبين ان أداء الطلاب الذين اخذوا قيلولة كان أفضل في اختبار التذكر .
وتشير بعض الدراسات إلى ان عملية التذكر تحصل خلال النوم العميق، وهي مرحلة لا تبدأ عادة إلا بعد 20 دقيقة على الأقل من النوم .
مع ذلك قال المشرف على الفريق الدكتور اولاف لاهل انه من الممكن إطلاق عملية التذكر في الدماغ عند النوم بغض النظر عن طول الفترة أو قصرها .
وأضاف “حسب علمنا، فإن هذا يبيّن للمرة الأولى ان فترات نوم قصيرة جدا يمكن ان تعزز الذاكرة” .
وقال البروفيسور جيم هورن من مركز أبحاث النوم في جامعة لوغبروغ انه بالرغم من ان الدراسة “مهمة” فإنه لم يقتنع بعد بأن النتيجة تعزز الذاكرة .
وأضاف “فكرة ان الذاكرة تتعزز خلال ست دقائق فقط نتيجة فريدة من نوعها يجب التعاطي معها بحذر” .
دمتم بخير