منذ أن زُرعت في هذه الدنيا ذات ليلة شتوية .."نبت" داخلي وجلّ شديد من الانضمام إلى "حظيرة" البشر , وربما من أجل هذا "كمنت" في بطن أمي متأخرة عن موعدي " المقرر " ما يربو عن الشهر , وعندما فعلت ذلك بعد عملية "شفط" عاتية حولت "احتجاجاتي" المستشفى بأكمة إلى " ملهى" .
كبرت , وأخذ عقلي الصغير " يضج " بالكثير من الأسئلة التي لم تجد لها أذان صاغية رغم إعادة طرحها الآلاف المرات ,كانت أمي تكتفي بعبارة " بكره تكبرين وتعرفين " لتملأ بها " فم " إلحاحي ..
بطبيعة الحال كان بعض الأسئلة وربما هذا مما زاد من حنق أمي من قبيل :
أين تذهب الشمس عندما تغيب ؟
لماذا يعدو القمر حولي أينما ذهبت؟
لماذا لا يموت (توم ) بعد أن " تفعسه " أحدى السيارات في أفلام الكرتون !!
######
إلا أن أغلب أسئلتي توجهت لعالم البشر , هذا العالم الذي ظل " يحقنني " بجرعات منتظمة من الحيرة التي " تُذيب " كل المحاولات التي أمارسها "للاتساق" مع بني جنسي , فكلما زادت معرفتي بالبشر زاد حبي للأشياء فعلى سبيل المثال لا يمكن أن أكتب ب " مسطره " أو أمسح ب (مبراة ) , و "الثلاجة " لتبريد الأشياء بعكس " الفرن " فهو لتسخينها أو حتى حرقها , أرأيتم ما أجمل "الجوامد" وما أوضحها ,رغم أنها لا تتكلم ولا تفكر ولا تشعر مثل البشر, حتى الغريب والجديد منها يُرفق معه "كروكي " يشرح طريقة استعماله , فلماذا لا يكون لكل "آدمي " "كروكي " يوضح طريقة التعاطي معه!!
, لذا التصقت بالأشياء ,واكتفيت بأنصاف الإجابات وربما أرباعها , مرتكبة أثماً أكبر من نقصها إلا وهو الاقتناع بها ,وعن كثب أخذت ارقب و " بعين المحايد " على اعتبار أنني أدمية الأصل , شيئية ( نسبة إلى الأشياء ) الهوى الغي الذي يجيد " حياكتة" البشر , الأمر الذي "يثير " عاصفة من التناقضات التي لا تفتأ تفتك بي .
في المدرسة توقعت نوعاً من الترحيب فأخذت "أُسقط" أسئلتي الواحد تلو الآخر على معلماتي اللائي ضقن ذرعاً بهذه الطالبة " النشبه" مما حدا بالكثير من معلماتي إلى إخراجي من الفصل عند زيارة المديرة أو المشرفة التربوية وفقا لنظام "الإعارة الشهير" والذي لا يختلف في فكرته وأهدافه مع نظام "إعارة اللاعبين" حيث تجري عملية " فلترة " للصف لتخرج الطالبة "المش ولابد " ويؤتى بطالبة" ممتازة " حتى تسير الحصة بسلام !! , عني عن الذكر أنني وبلا فخر كنت من أوائل الطالبات qqq "المفلترات " .
*****
أسئلة بعمر "العمر " تكدست فوق بعضها البعض بانتظار الإجابة تشبه إلى حد بعيد "كرة الثلج " التي بدأت صغيره وأخذت تتضخم شيئا فشيئا , في زمن"حمى " الأسئلة و" أنيميا " الإجابات .
لماذا .. تصر أمي على استقبال جارتنا "صاحبة أثقل دم ولحم " في التاريخ .. والتي لا تعترف بأبسط حقوق الجيرة , ولا باختراع أسمة " لهاتف " ولا بمبدأ " الجرس " عند الدخول .
لماذا .. يصنف الناس إلى "نخب أول " و"نخب ثاني " بناء على ماركة ساعاتهم ..
لماذا .. "يتقتق" العالم الغربي كل يوم أن لم يكن كل دقيقة عن أفكار وحلول يمكن أن تساهم في حل الكثير من مشاكلنا .. إلا أننا نصر على استهلاك "الكاتشب " و "الكنتاكي " و" جوليا روبرتوس "..
لماذا .. يكون "سب الدين " أسهل الطرق واقصرها بل وأشدها فعالية لبلوغ الشهرة ..
لماذا..لا تجد بعض النساء ما تتنافس عليه مع جارتها إلا عدد مخدوماتها فهذه للمطبخ وهذه للبيت وهذه للأولاد وهذه لا لاشي سوى ارتفاع الرقم إلى أربعة .
لماذا .. خلف كل رجل عظيم أمراة , وخلف كل امرأة بائسة رج ل .
لماذا نسب "ولاة أمرنا" ليلا ونهاراً , ابتدأً بالمعقول وانتهاء بالا معقول , وتجبرنا شاشات الأعلام وميكروفونات الإذاعة على القول "نشكر حكومتنا الرشيدة " "والله ما قصروا جعلهم ذخر "
لماذا ..يخرج من جامعاتنا وبعد سنين من الدراسة والاستقصاء من يقول بأن "سورة الفاتحة " مجرد قصيدة شعر!! وأن سيرة الأنبياء أساطير عربية ..
^^^^
لماذا .. لا تجيد بعض النساء التعامل مع الرجل دون اعتباره " عاشق محتمل " .
لماذا .. نسب أمريكا في النهار ونغازلها في الليل .
لماذا لا ينتصر الخير إلا في "المسلسلات " .
لماذا " أم كلثوم " أقدس من " نانسي عجرم " ( والحرام بيّن والحلال بيّن) .
لماذا عندما نحب ….. حسناً لن أتحدث عن الحب .
لماذا الإسلام "أفضل الأديان " و"أذل " قوم المسلمون .
لماذا نبدو كأمة كالسحلفاة المقلوبة على ظهرها تنتظر من يعدلها .
لماذا .. نعرف الطريق إلى الجنة و نصّر على سلك الطريق الأخر .
أتنازل سيل "اللماذات " أعلاه في سبيل استيعاب فكرة واحدة هي
لماذا ..لكل هذه الأسئلة إجابة واحدة .. نعرفها كلنا ..ولا نفعل شيئا حيالها …
لماذا ؟
أمي
( كبرت ولم أفهم شيئاً )
والآن الآن الآن
أريد أن أعود إلى بطنك
من قراءاتي