لا أقصد هنا بالتناقض الخلاف في التوجهات و الأهداف، بقدر ما أقصد الاختلاف في الرؤية و الطريقة و المنهج.فالمدرسة ـ كطرف في التنشئة ـ تعتمد طرائق ديداكتيكية و تربوية وفق نظام خاص و هياكل محددة ، بينما يخضع الطفل خارج المدرسة إلى تأثيرات -تبقى في معظمها- غير مؤطرة : كالإعلام و نفوذه القوي من خلال ما ينقله من صور نمطية عبر قوة الصورة والصوت، وكذا الشارع وما يحتويه من علاقات اجتماعية وثقافية و نفسية.
إجمالا، حينما ننظر إلى هذه الأطراف المتدخلة في سسلجة الأجيال الناشئة -على حد تعبير دوركهايم- نجدها إما في صراع خفي ، أو في صراع يتخذ أشكالا وتمثلات يؤثر في التركيبة الذهنية للأطفال من خلال ما يحملونه من تصورات تنشا من داخل المحيط السوسيوثقافي حول المدرس والمدرسة.ويزيد من تعقيد هذه العلاقة نوع المعارف التي تقدم داخل المدرسة و إلى أي حد تساهم في ربط المدرسة بالمحيط أو بخلق الهوة بين ما يروجه الحقل التربوي وما يروجه الحقل الثقافي العام.فإذا أخذنا على سبيل المثال الكتاب المدرسي باعتباره الوسيلة التعليمية الأساسية وقمنا بقراءة نقدية لمضامينه سنجد أن تمة فارقا بين مايقدمه من مضامين قرائية و بين ما يرتبط بالبيئة المباشرة للمتعلم .وهنا أعتقد أن الانطلاق من بيئة المتعلم المحلية و ما تختزنه من موروث ثقافي ، مرورا بما هو وطني فدولي ، كفيل -إلى حد ما – بضمان التدرج في بناء المعارف و المهارات و تكوين شخصية المتعلم الواعية بذاتها كفكر وكممارسة والملتزمة باحترام الآخر.
م/ن