الحسد هو الذي جعل إبليس يرفض السجود لآدم ويعصى أمر رب العالمين، والحسد هو الذي منع أبا جهل من اتباع دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، باعتبار أنه من سادة قريش، حيث الرسالة أوجب أن تنزل عليه هو وليس على محمد بن عبدالله!.
هكذا يفعل الحسد في النفس إن تمكن منها؛ الهلاك ليس غيره؛ انظر أيها القارئ الكريم وأيتها القارئة الكريمة، كيف يفعل الحسد في الحاسدين، أصحاب ****** المريضة؛ تجدهم لا يهنئون بعيش ولا يستمتعون بنعمة أنعمها الله عليهم ولو كانوا أغنى أهل الأرض.
تجدهم يريدون المزيد والنعمة الثانية والثالثة والألف من قبل أن يشكروا الواهب على النعمة الأولى.. تجدهم فوق كل ذلك راغبين وطامعين فيما عند الناس أجمع من نعم، حتى لو كانت تلك النعم أقل مما عندهم أو يملكون، ذلك أن الحسد يدفعهم دفعاً لطلب كل ما عند الغير، ليس حباً في الاقتناء بقدر ما هو رغبة مريضة في ألا يمتلك الغير أي شيء. أليس هذا يدعو للشفقة؟
انظر حولك وستجد من دون شك حاسدا أو اثنين أو ثلاثة وربما أكثر؛ قد يكون على شكل زميل عمل في القسم نفسه أو التخصص نفسه أو من قسم آخر وتخصص آخر؛ وقد يكون على شكل قريب أو جار أو بعيد لا تعرفه أو يعرفك.
هذا المرض إن تمكن منك فلن يدعك تهنأ بعيش ولن يدعك تعيش بسلام وأمان لا مع نفسك ولا مع غيرك.
ستكون في قلق متواصل، ليلاً ونهاراً، خصوصاً أنه قلق لا مبرر له ولا أحد يطلبه منك. أنت توقع نفسك في هم وتوتر لو تتفكر فيه لحظات قليلة لوجدت أنه يتطلب أبداً دقيقة واحدة من حياتك تعيشها على تلك الحالة الكئيبة من العيش!
إن الحاسد ضعيف الإيمان ولا يريد أن يتفكر في مسألة الأرزاق وكيف أنها خاصة بالرازق، يوزعها كيفما شاء ولمن شاء ووقتما يشاء. فلماذا نحن نحمل هذا الهم والخالق جل وعلا قد تكفل به؟ لماذا لا نرضى النعمة للغير وهي ليست لنا أو ملكنا؟
إن لم تكن ترغب في أن تصل خيراتك للآخرين، فأنت حر في مالك، ولكن ليس من شأنك أن تعبر عن استيائك وحنقك وغضبك وتألمك حينما تنزل نعمة بآخرين ومن مال آخرين، وهي كلها من مال الله أولاً وأخيراً.
من يتفكر في فلسفة الحسد والحاسدين، سيعلم جيداً كم هو سعيد وكم هو محظوظ في حياته أنه لا يعرف هذا الداء العضال.. عافانا الله جميعاً منه وحفظنا الله وإياكم منه وممن يحمله