تخطى إلى المحتوى

بين وطني والحبيب – جاذبية القلوب 2024.

بين وطني والحبيب

لَمْ تعد تعجبني كتابات الحبيب ولا حتى كتاباتي، ولا أنغامٌ دسَّها النعناع في قدحي ولا عنقود آهاتي، ما الخطب يا قلبي؟ لا تقل وطن ولا حبيب.

وطني يرفض الاحتلال لكنه صعبٌ عنيد كحمامةٍ كلتا جناحيها مكبلة بالحديد، فلندعْ الثلوج تغطي جبال البراكين… ولكن إلى حين، ودع الحديد يسود أجنحة الحمام حتى نثور ويأتينا السلام.

أخذني الحبيب ليلةً في نزهةٍ مشياً على الأقدام، أهديته سنةً وأهداني ورداً و فُلا وأقحوان، كتبت له لحناً فغنّى هو الكلمات، ورسمنا خارطة الطريق وأحلام لغد آت… فاتت ليالي كالسنين، مات جميع الأقحوان، خبزي معجونٌ بالدماء، وطحينه بقايا صبر قلبي مع صمود وإباء.

زرعت دموعهم وسقيتها فنمت أشجار دفلى مرةً كالحنظل لكنّ إحداهنّ قالت للعدو: احذر! زرعت دماؤهم وسقيتها فنمت أشجار نخلٍ جادت بالمسك والعنبر، ودماؤهم فتحت قرىً كان العدو بها يتمختر…

اقترب العدو وأنا وردة وحولي الكثير من الورود… وما عادت أشواكنا تحمينا فاحترقنا، والسياج حولنا موضوع، وأمامه حارسنا ذو القلب المفجوع ينظر بعينين غارقتين في الدموع… واحترقنا…

جاء الحبيب بشرايينٍ ملأى بالشوق وبأوردةٍ ظمأى، جاء ليقطفني… لكنني احترقت فدفنت ووردات من حولي في مقبرة اليأس ونصبوا حارساً علينا يدعى الأسى.

أخذ يكلمني، والصمت يهزأ بالكلام، لملم أجزائي ضمني، أطعمني الأمان فأنا جوعى، وشربني الحنان أنا عطشى، لملم أجزائي… – أينها؟

بعضي يناجي بعضه عند دجله والفرات، ودموع بعضي تستحم بماء النيل وكبدي يصيد صبره من الخليج و أحبال أملي معلقة بأشجار الأرز وروحي تخاطب سوسناً أسود وقلبي يضيء نفسه بزيت زيتونةٍ خضراء ولا تسأل عن الكلمات فهن قائمات في القدس يواصلنا الصلاة والدعاء ورفع الأصوات والأيادي بالابتهالات لملمني إن استطعت…

ذهب الحبيب قالوا بأنه صار نسرا يحلق في الفضاء اشترى الحرية بذلٍ تجرعه مره ومضى…

قالوا: بل صار نعامةً ورضي بالعيش الجديد… بل صعدت روحه إلى السماء ووصى بأن تُغسَلَ حبيبته بالدماء…
قالوا كثيراً يا قلبي وما زلت في قبري تدوسني أقدام العدو ويخترق جسدي السلاح…
تسنيم عياش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.