علاج طبيعي لرزمة من الأمراض
خصصت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية تقريرًا مطولا ً تتناول فيه الموضوع البروبيوتيك طبقًا لعلماء وأطباء متخصصين، في ظل ما هو معروف عن تلك الكائنات من أهمية كبرى.
وسط تباين في الآراء حول الفوائد الصحية التي قد تعود بالنفع على الأشخاص عند إقدامهم على شراء منتجات أو أطعمة غذائية تحمل لاصقات تشير إلى أنها تحتوي على كائنات "بروبيوتيك" الدقيقة الحية أو "Probiotics"، وهذا التقرير المطول تناول فيه هذا الموضوع طبقًا لعلماء وأطباء متخصصين، في ظل ما هو معروف عن تلك الكائنات من أهمية كبرى.
في البداية، ننوه إلى أن تلك الكائنات الحية تعمل من خلال قيامها باستعادة توازن البكتيريا المعوية، ورفع درجة مقاومة الجسم للجراثيم الضارة.
وتضيف الصحيفة في هذا السياق إلى أنه وفي حالة تناول تلك الكائنات بقدر كاف، فإنها ستعمل على تعزيز الحالة الصحية للجهاز الهضمي وستساعد في تقصير مدة الإصابة بنزلات البرد.
وفي الوقت الذي توجد فيه آلاف الأنواع المختلفة من كائنات البروبيوتيك، إلا أن القليل منها هو من أثبت فاعلية في التجارب السريرية.
هذا ويصعب في أغلب الأحيان تحديد نوعية السلالة البكتيرية التي يحتويها أي منتج غذائي، وتلفت الصحيفة كذلك الانتباه إلى عدم وجود شروط قياسية خاصة بالملصقات التي تساعد المشترين على الاستفادة من منتجات البروبيوتيك.
كما تؤكد الصحيفة على أن وضع كلمة "بروبيوتيك" على الملصق لا تكفي لتزويد المشتري بمعلومات حول درجة فعالية أي من المنتجات الغذائية بالنسبة لأي من الحالات الصحة التي تبعث على القلق، ومثلما يقوم الطبيب بوصف مضادات حيوية مختلفة لبكتيريا الحلق أو السل، تمنح أنواع وسلالات البروبيوتيك المختلفة فوائد صحية عديدة.
وتنقل الصحيفة هنا عن دكتور شيرا دورون، أستاذ الطب المساعد بجماعة توفتس الأميركية قولها :"يواجه المستهلك مشكلة كبرى عند محاولته تحديد درجة فاعلية المنتجات المعروضة".
وتضرب الصحيفة المثل في سياق حديثها بأحد أنواع كائنات البروبيوتيك التي يطلق عليها لاكتوباكيللوس، ويظهر هذا النوع في عدد من السلالات، ومنها: نوع يعرف بـ ( لاكتوباكيللوس ج ج ) أو كما يعرف اختصارًا بـ ( LGG ) ويوجد في الملحقات الغذائية والعديد من منتجات الألبان في فنلندا، وكذلك أنواع أخرى توجد بأنواع مختلفة من المنتجات الغذائية.
وتظهر الدراسات أن جميع تلك السلالات ترتبط بتخفيض خطر الإصابة بالإسهال؛ وقد ثبت أيضًا أن سلالة LGG – التي خضعت لعدد كبير من الدراسات – تلعب دور مفيد في معالجة الأكزيما التأبتية والحساسية من الحليب لدى الرضع والأطفال، بحسب ما ورد في تقرير عام 2024 الذي نشرته في مجلة أمراض المعدة والأمعاء السريرية.
وأثبتت دراسات أخرى فاعلية سلالتي LGG و L.casei يساعدان في تخفيض أخطار الإصابة بالأمراض لدى الأطفال.
يقول غريغور ريد، مدير مركز البحوث والتنمية الكندي للبروبيوتيك :" يعتبر لاكتوباكيللوس هو فقط ذلك النوع البكتيري.
فإذا قلت أن هناك منتجًا يحتوي على سلالة لاكتوباكيللوس كأنك قلت أنك أحضرت جورج كلوني للمشاركة في أحد الحفلات.
وحينها، إما أن يكون كلوني هذا هو ذلك الممثل الشهير، أو قد يكون مجرد رجل من أطلانطا يبلغ من العمر 85 عامًا وتصادف أن كان اسمه جورج كلوني. ويجب الإشارة هنا إلى التأكيد على أن هناك فروقًا من سلالة لأخرى في عالم البروبيوتيك".
تمضي الصحيفة عبر تقريرها، لتسأل: ما هي المشكلات الصحية التي يمكن أن تساعد فيها كائنات بروبيوتيك الدقيقة ؟
لتنتقل بعد ذلك وتشير إلى ما خلص إليه 12 خبيرًا من جامعة ييل الأميركية، حيث قالوا إن هناك أدلة قوية تشير إلى وجود سلالات عديدة من البروبيوتيك يمكنها أن تقلل من خطر الإصابة بالإسهال، بما في ذلك تلك المرتبطة باستخدام المضادات الحيوية.
وقد رجحت العديد من الدراسات أيضًا أن البعض من أنواع البروبيوتيك قد تكون مفيدة لعرض القولون العصبي.
فيما أشارت الصحيفة إلى أن لجنة الخبراء لم تقم بمراجعة ادعاءات أخرى خاصة باستخدامات البروبيوتيك، مثل ما قيل عن دورها في خفض نسبة الكولسترول، وضغط الدم، والوقاية من تسوس الأسنان، وتقليل خطر الإصابة بالسرطان، وإلى الآن، لازال النقاش الجدلي دائر بين العلماء حول ما إذا كان للبروبيوتيك فائدة حقيقية يقدمها للجهاز المناعي.
وفي حين يعتبر الجهاز الهضمي جزء ًا هامًا من الجهاز المناعي، أظهرت الدراسات أن تلك البكتيريا المعوية تلعب دورًا رئيسيًا في تعزيز الدفاعات المناعية لجسم الإنسان، فلا تساعد تلك البكتيريا على الهضم فحسب، وإنما تساعد بصورة كبيرة على تشكيل حاجز واق بداخل الأمعاء.
وبرغم توصل الخبراء لثمة علاقة تربط ما بين الاستجابة المناعية للجسم وبين البروبيوتيك، إلا أنهم لم يفلحوا في تحديد ما إذا كان للبروبيوتيك دورًا مفيدًا في الوقاية من الأمراض والمحافظة على الصحة العامة، لافتين في ذات الوقت إلى أن هناك حاجة لإجراء مزيد من الأبحاث في هذا الشأن.
ويشدد الباحثون في هذا الإطار على أن "مثل هذه النتائج تشير إلى أن البروبيوتيك قد تكون ذات قيمة إذا تم دمجها في النظام الغذائي اليومي للأشخاص الأسوياء بغرض المحافظة على الصحة".
وفي النهاية، شددت الصحيفة على ضرورة أن يبحث المستهلكين المهتمين بالبروبيوتيك عن المنتجات التي تدرج على لاصقاتها اسم السلالة البكتيرية بالضبط وكذا تزويد القراء بطرق سهلة تتيح لهم الوصول إلى الدراسات العلمية التي تدعم قولهم.
وهنا قالت الصحيفة إن موقع www.PubMed.gov يعدّ مصدرًا مفيدًا لأولئك الأشخاص المهتمين بالدراسات المتعلقة بسلالات بروبيوتيك المختلفة.
دمتم فى حفظ الله