وفي القرآن الكريم مدح الله فتاةً قدِمت إلى نبي الله موسى؛ إذ تمشي إليه على استحياء. فقال تعالى:
{فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}القصص25
وصف رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – الحياء؛ فجعله جزءًا من الإيمان، فعَنْ سَالِمِ ابْنِ عَبْدِ الَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ الَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ في الْحَيَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ الَّهِ – صلى الله عليه وسلم – "دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ"[2].
وعن أبي بكرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار"[3].
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النبي – صلى الله عليه وسلم – قَالَ "الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ"[4].
وعَنْ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ الْمُزَنِي قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَذُكِرَ عِنْدَهُ الْحَيَاءُ، فَقَالُوا: الْحَيَاءُ مِنَ الدِّينِ. فَقَالَ عُمَرُ: بَلْ هُوَ الدِّينُ كُلُّهُ. فَقَالَ إِيَاسٌ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ جَدِّي قُرَّةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ الَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَذُكِرَ عِنْدَهُ الْحَيَاءُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الَّهِ الْحَيَاءُ مِنَ الدِّينِ؟ فَقَالَ رَسُولُ الَّهِ -صلى الله عليه وسلم-:"بَلْ هُوَ الدِّينُ كُلُّهُ". ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الَّهِ -صلى الله عليه وسلم-:
"إِنَّ الْحَيَاءَ وَالْعَفَافَ وَالْعَيَّ عَيَّ الِّسَانِ لاَ عَيَّ الْقَلْبِ وَالْعَمَلَ مِنَ الإِيمَانِ وَإِنَّهُنَّ يَزِدْنَ في الآخِرَةِ وَيَنْقُصْنَ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا يَزِدْنَ في الآخِرَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَزِدْنَ في الدُّنْيَا". قَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَأَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: فَأَمْلَيْتُهَا عَلَيْهِ ثُمَّ كَتَبَهَا بِخَطِّهِ ثُمَّ صَلَّى بِنَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَإِنَّهُ لَفي كُمِّهِ مَا وَضَعَهَا إِعْجَابًا بِهَا[5].
وقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إن الْحَيَاءُ وَالإِيمَانُ قُرِنَا جَمِيعًا، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الآخَرُ[6].
فحياء ، علامة من علائم إيمانها وتقواها، وإشارة إلى حسن سريرتها ونقاوة ضميرها.
هذا، وكلما اتصفت بهذا الخُلق زاد فيها منسوب الخير والسكينة والوقار. فعن عِمْرَان بْنَِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ النبي – صلى الله عليه وسلم – "الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ". فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ مَكْتُوبٌ في الْحِكْمَةِ: إِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ وَقَارًا، وَإِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ سَكِينَةً[7].
فإذا ما ذهب حياء ، فلا تسل عنها، وكبِّر عليها أربعًا، فلطالما ذهب الحياءُ بكل خير في ، بما في ذلك عفتها، لذا قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ"[8].
وهذا هو لسان حال الكثيرات من فتيات اليوم، حتى صدق فيهن قول الشاعر:
فتاة اليوم ضيعت الصوابا وألقت عن مفاتنها الحجابا
فلن تخشى حياء من رقيب ولم تخش من الله الحسابا
إذا سارت بدا ساق وردف ولو جلست ترى العجب العجابا
بربك هل سألت العقل يوماً أهذا طبع من رام الصوابا
أهذا طبع طالبة لعلم إلى الإسلام تنتسب إنتساباً
فما كان التقدم صبغ وجه وما كان السفور إليه باباً
شباب اليوم يا أختي ذئاب وطبع الحمل أن يخشى الذئاب
جهود الغرب في نزع حياء :
ولقد عمد أعداء هذه الدين، إلى استهداف المسلمة، بمسخ هويتها، وانتزاعها من حجابها، وتزين الزنا لها، والزج به نحو الاختلاط، والتقليد الأعمى للمرأة الأوربية…
وكان سماسرة الفكر الغربي حراصًا على نقل التقاليد الغربية الماجنة إلى المشرق العربي مستهدفين بالأساس.
إننا إذا ما تتبعنا تاريخ "تغريب المسلمة" في العصر الحديث؛ فإننا نجد أن تلك الدعوات المشبوهة ارتبطت ارتباطًا وثيقا بالمحتل الأجنبي تحت شعار "تحرير ". وتمتد جذور هذه الدعوة إلى عهد محمد علي والي مصر، خاصة في فترة انتشار الحركات الماسونية من ناحية، وما خلفه الاحتلال الفرنسي على المنطقة من ناحية ثانية، إضافة إلى أثر البعثات الفنية التي أوفدها محمد علي وغيره إلى فرنسا من ناحية ثالثة.
ولقد عاد إلينا هؤلاء المبتعثون الذين عاشوا في أوربا بضع سنين، وهم يحملون عقلاً امتلأ قناعةً بثقافة الرجل الغربي، وقلبًا شُغف حبًا ب الفرنسية العارية، ونفسًا ملتاثةً بلوثة الميوعة والانحراف.
فتخرَّج فيهم: "رفاعة الطهطاوي" عاشق فرنسا، و "قاسم أمين" صاحب دعوة تحرير ، و "سعد زغلول" القطب الماسوني و "وهدى شعراوي" صديقة الاحتلال البريطاني، و"سيزا نبراوي" ربيبة فرنسا و"درية شفيق" و "أحمد لطفي السيد" – أول من دعا إلى الاختلاط بين الجنسين في الجامعة المصرية -، و"أمينة سعيد" رئيسة تحرير مجلة حواء – وهي مجلة تحارب الفضيلة -، و"نوال السعداوي" – الكاتبة الماركسية سابقًا، ثم البرالية حاليًا –… وغيرهم، ممن رباهم الغرب الاستعماري الصليبي في حجره ومحاضنه، ومِن دونهم أقوامٌ يسيرون وارء كل ناعق، يتبعون سَن اليهود والنصارى شبرًا بشبر، فصدق فيهم قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:
"لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ". قالوا: يَا رَسُولَ الَّهِ، الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، قَالَ: "فَمَنْ؟"[9] أي: فمن غيرهم.
——————————————————————————–
[1] أخرجه البخاري (3562)
[2] أخرجه البخاري (24)
[3] أخرجه البخاري في الأدب المفرد (559) وصحه الألباني.
[4] أخرجه البخاري (9)
[5] أخرجه البيهقي في السن الكبرى (10 / 194) وصحه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3 / 2)
[6] ابن أبي شيبة (11 / 28) وصحه الألباني في صحيح الأدب المفرد (558)
[7] أخرجه البخاري (6117)
[8] أخرجه البخاري (6120)
[9] أخرجه البخاري (3456)
ثم شرع سماسرة الغرب في تزين حياة التحلل الغربي في عيون المسلمة، فقصدوا ميادين شتى لاحتواش من كل مكان، بحيث ترى بعيون غربية، وتشم بأنف غربية، وتسمع بأذن غربية، حتى وصل بها الحال أنها تتكلم بطريقة الغربية، وتمشي مشيتها، وترتدي فستانها..
1 الاختلاط بين الجنسين:
دخلوا عليها من باب الاختلاط بين الجنسين، وزينوا لها أن من حقها أن تجالس الرجال الغرباء، بدعوى التعارف، والتمدين، وتلاقح الخبرات.
قالوا لها: إن الغرب تقدم حينما عمل بالاختلاط، وإن الجامعات الأوربية من نجاح إلى نجاح لأنها تعمد بالذكر إلى الأنثى في مقعد واحد.
2 الفن:
ودخلوا على المسلمة كذلك من باب الفن، بحيث أحالوا الرذيلة فنًا، والرقص فنًا، والقُبلة فنًا، فلكأني أرى أحداث الأفلام كلَّها تدور حول محور واحد، هو "العشق"، وأن مفردات قاموس الفيلم، تدور حور معنى معاني الفاحشة.
فالصور التي تعرض الأجسام المكشوفة، والأفلام التي تزين الفاحشة، والأغاني التي تروج للرذيلة؛ كلها وسائل لصد الفتيات عن الإسلام، والدفع بهن في طريق العهر والخنا، والدَّعَر والزنا.
ولقد بث الإعلامُ المسموم عبر عقود مضت آلافَ الأفلام، التي شكَّلت عقليات أجيال، وإثمها أكبر من نفعها، وأفسدت أكثر مما أصلحت، ويشهد بذلك القاصي والداني، ونظرة سريعة على أسماء الأفلام تُدفعك سريعًا نحو القناعة بخطورة العهر الفني الذي درج على دعمه حفنةٌ من المنافقين، الذين يُحبون أن تشيع الفاحشةُ في المجتمع المسلم.
{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}النور19
وإلى جانب اليهود – الذين بأيديهم أزِمَّة الإعلام العالمي – ؛ ههنا أشباه اليهود، من العلمانين، ممن تملكوا زمام الإعلام، فهم يقومون بالحرب على الفضيلة نيابة عن الصهانية، فعاثوا في العقول الفساد، ونشروا الفجور والعري، وزينوا الرقص والعشق، وأفردوا المساحات الطويلة لتلميع الساقطات، وتشجيع الداعرات تحت اسم "فنانات".
وكان من الثمرات المرة لهذا الفن الملوث، ما نراه من ضحايا في مختلف الأعمار، من شباب الجنس، وحيوانات بشرية في صورة مخانيث، جسمًا موهونًا مترضا، التاث بلوثة الميوعة، والتَجَّ في وحلة الخنوثة. يقطع سَرَاة َنهاره في الخلاعة، وساعات ليله في الرقص واللهو.
ومن صور ذلك العهر الفني أيضًا:
مسابقات ملكات الجمال، والتي يقوم عليها حفنة من رجال الأعمال الذين عُرفوا بفجرهم وفسقهم.
برامج "استار أكاديمي"، والتي ساهمت بشكل كبير في محاربة الفضيلة.
مسابقات الرقص، والتي تتقدم فيها الفتاة لترقص أمام لجنة تحكيم تتألف من نخبة من الراقصات والعاهرات القديمات، حتى وصل بهم الحال إلى بث برنامج يحمل اسم "هزي يا نواعم".
3 الألعاب الرياضة المكشوفة:
وكذلك جذبوا إلى أن تتكشف أمام الناس بزعم ممارسة الرياضة، كما في ألعاب الجمباز، والسباحة، والجري، والتي تجري فيها الفتيات الكاسيات العاريات في ملعب يحضره الجماهير المحشودة الذين خرجوا من ديارهم وهو ألوف طلبَ مشاهدةِ الأجساد العارية، وهذا واضحٌ جلي في الألعاب الأولمبية.
قَالَ رَسُولُ الَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : "صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا"[1].
4 الأدب الخليع:
وعمدوا إلى إغوائها من باب الأدب الرقيع، ونشر قصص الفجور، والروايات التي تحض على الرذيلة فضلاً عن محاربة الحجاب وجعله رمزًا للتخلف.
ثم أَرَأَيْتُكُم ذلك الأدب العبري الذي يكاد يكون متفرغًا لدعم قضية واحدة، مفادها أن: "إسرائيل صامدة، ومستمرة في نضالها ضد العرب المجرمين"
…. إذا أردتَ أن تهدم شَعبًا فسلط عليه الأدب الرقيع، والشعر الرخيص، وقصص الجنس، وروايات العهر، وقصائد الخمر، فالأدب الخليع لا يقل ضرواة في الهدم من الصواريخ!
وإذا أردنا أن نؤسس جيلاً نظيفًا، ونبني أُمةً رائدة، – وقد قال الله تعالى: "وأعدوا" – فإن من تمام الإعدادِ؛ تربيةُ الشباب والشابات على الأدب الإسلامي الجهادي، والشعر العربي الحماسي، وأناشيد الشجاعة، ومقالات الإباء، وقصص البطولة.. و"حرض المؤمنين"!
آثار نزع حياء
ثم علينا أن ندرك أن تلك الحربَ الدائرة لاستهداف أخلاق المسلمة، قد خلَّفت آثارًا لا تخفى على كل ذي بصر، وإن كُنتَ في شك، فطالع أحوال فتيات الجامعة، وأحوالهن على صفحات الجرائد، وصفاتهن عبر شاشات التلفاز، لترى مدى التحلل الذي وصلت إليه المجتمعات النسائية، وحسبك أن نشير إلى طرف من تلك الآثار:
1 انتشار الزنا:
الأثر الأقبح من وراء محاربة الحياء، يكمن في زيادة انتشار الزنا، والذي لا يخفي على كل متابع.
ألا فلتعلم، أن تحريم الزنا بندٌ أساس في إقامة المجتمع النظيف، ولقد أخذ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بيعة العقبة الكبرى على الأنصار، وكان من بنودها بند تحريم الزنا، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لهم أي عند العقبة :
"تَعَالَوْا بَايِعُونِي عَلَى:
1 أَنْ لا تُشْرِكُوا بِالَّهِ شَيْئًا.
2 وَلا تَسْرِقُوا.
3 وَلا تَزْنُوا.
4 وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ.
5 وَلا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ.
6 وَلا تَعْصُونِي فِي مَعْرُوفٍ.
فَمَنْ وَفي مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى الَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ لَهُ كَفَّارَةٌ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ الَّهُ؛ فَأَمْرُهُ إِلَى الَّهِ إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ"[2].
وكان البند الثالث، هو تحريم الزنا، فالزنا أس الخراب الأخلاقي، وطريق الهلاك بين البيوت، والزنا والموت صنوان، وما فشى الزنا في مجتمع إلا فشى فيه الموت والريح الحمراء (الأمراض المُعدية).
قال تعالى:
{وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً }[الإسراء32]
2 انتشار النشوز في البيوت:
فثمة حالةٌ من التعصِّي والتأبي تنتشر بين النساء على أزواجهن، من تلك الموجة الإعلامية التي تحرض على زوجها، ومن تلك المواد الدرامية والسينمائية التي تروج لمبادئ تدعو إلى الاستقالالية عن زوجها فكريًا، ويقولون لها في أثناء ذلك: لا تقبلي الإهانة من زوجك! اتركي له البيت فورًا إذا أساء إليك! إلجئي إلى القضاء لتفضحيه أمام الناس، وغير ذلك من الأفكار التي تبثها المواد الإعلامية تصريحًا وتلميحًا.
وعلى إثر انتشار النشوز، فإن ذلك يؤدي لا محالة إلى آثار أخرى كثرة الطلاق، وزيادة الدعاوى القضائية بين الأزواج، وازدياد العنف والجريمة بين أولاد المطلقات، وزيادة معدلات الأمراض النفسية خاصة في الفتيات، ذلك بأن بيئة الشجار والخلافات بين الأزواج؛ هي بيئة خصبة لظهور الأمراض النفسية عند الأولاد، كذا الفشل الدراسي.. فالواقع يشهد أن أولاد الناشزات ليسوا بخير في صفوفهم الدراسية، وهم متأخرون في مستواهم العلمي والتحصيلي.
3 إفساد فطرة
فالحرب على الحياء، ينشأ عنه بيئة فاسدة، من شأنها صناعة الفتاة المترجلة، المتشبهة بالرجال، وقد تُعاين شيئًا كثيرا من هذا الصنف بين فتيات الجامعة، حينما ترى فيهن عددًا ليس بالقليل من الفتيات الائي يُقلدن الرجال في الملبس وطريقة الكلام، حتى نشأتْ علاقاتٌ مُحرمة بين الفتيات، فتقوم إحداهن بالقيام بدور الرجل في خشونته وطريقته….
وفي تحريم تشبه بالرجال غيرُ ما دليل..
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنه – عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أَنَّهُ لَعَنَ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَالْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ"[3].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ الَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ[4].
وعَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قِيلَ لِعَائِشَةَ – رضي الله عنها -: إِنَّ امْرَأَةً تَلْبَسُ النَّعْلَ. فَقَالَتْ لَعَنَ رَسُولُ الَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الرَّجُلَةَ مِنَ النِّسَاءِ[5].
وقَالَ رَسُولُ الَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "ثَلاَثٌ لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَنْظُرُ الَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ وَالِدَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ الْمُتَشَبِّهَةُ بِالرِّجَالِ، وَالدَّيُّوثُ"[6].
——————————————————————————–
[1] أخرجه مسلم (5704)
[2] أخرجه البخاري (3603)
[3] أخرجه أبو داود (4099) وصحه الألباني
[4] أخرجه أبو داود (4100) وصحه الألباني.
[5] أخرجه أبو داود (4101) وصحه الألباني.
[6] أخرجه أحمد (13 / 352) وأورده الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (6324)