اختص الله عز وجل هذه الأمة بخصائص كثيرة،وفضائل جليلة،
منها اختصاصه إياها بيوم الجمعة بعد أن أضل عنه اليهود
والنصارى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت،
وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة،
فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة،
نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة
المقضي بينهم قبل الخلائق } [مسلم].
يوم عبادة
قال الحافظ ابن كثير:
( إنما سُميت الجمعة جمعة لأنها مشتقة من الجَمْع، فإن أهل
الاسلام يجتمعون فيه في كل أسبوع مرة بالمعاهد الكبار…
وقد أمر الله المؤمنين بالإجتماع لعبادته فقال تعالى:
يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله
[الجمعة:9]
أي اقصدوا واعمدوا واهتموا في سيركم إليها، وليس المراد
بالسعي هنا المشي السريع..
فأما المشي السريع إلى الصلاة فقد نُهي عنه.. ) قال الحسن:
( أما والله ما هو بالسعي على الأقدام،ولقد نهوا أن يأتوا الصلاة
إلا وعليهم السكينة والوقار، ولكن بالقلوب والنية والخشوع )
[تفسير ابن كثير:4/385، 386]
وقال ابن القيم: ( فيوم الجمعة يوم عبادة،وهو في الأيام كشهر
رمضان في الشهور، وساعة الإجابة فيه كليلة القدر في رمضان )
[زاد المعاد:1/398].
من فضائل يوم الجمعة
1- أنه خير الأيام.فعن أبي هريرة رضي الله عنه،
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
{خير يوم طلعت عليه الشمس يوم فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة،
وفيه أخرج منها،ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة } [مسلم].
فضائل الجمعة..آدابها وأحكامها
2- تضمنه لصلاة الجمعة التي هي من أهم فروض الإسلام
ومن أعظم مجامع المسلمين،ومن تركها تهاونا ختم الله على
قلبه كما في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم.
3- أن فيه ساعة يستجاب فيها الدعاء، فعن أبي هريرة
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
{إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي
يسأل لله شيئاً إلا أعطاه إياه – وقال بيده يقللها } [متفق عليه].
قال ابن القيم بعد أن ذكر الاختلاف في تعين هذه الساعة:
( وأرجح هذه الأقوال قولان تضمنتها الأحاديث الثابتة:
الأول: أنها من جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة، لحديث ابن
عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
{هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة }
[مسلم]. والقول الثاني أنها بعد العصر، وهذا أرجح القولين )
[زادالمعاد:1/390،389].
4- أن الصدقة فيه خير من الصدقة في غيره من الأيام.
قال ابن القيم:
( والصدقة فيه بالنسبة إلى سائر أيام الأسبوع كالصدقة في
شهر رمضان بالنسبة إلى سائر الشهور )
وفي حديث كعب:
(… والصدقة فيه أعظم من الصدقة في سائر الأيام )
[موقوف صحيح وله حكم الرفع].
5- أنه يوم يتجلى الله عز وجل فيه لأوليائه المؤمنين في الجنة،
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله عزوجل:
ولدينا مزيد[ق:35] قال: ( يتجلى لهم في كل جمعة ).
أنه يوم عيد متكرر كل أسبوع، فعن ابن عباس رضي الله عنهما
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{إن هذا يوم عيد جعله الله للمسلين فمن جاء الجمعة فليغتسل…}
الحديث [ابن ماجه وهو في صحيح الترغيب:1/298].
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
7- أنه يوم تكفر فيه السيئات فعن سلمان قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر،
ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق
بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر
له ما بينه وبين الجمعة الأخرى } [البخاري].
8- أن للماشي إلى الجمعة بكل خطوة أجر سنة صيامها وقيامها
لحديث أوس بن أوس رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{من غسل واغتسل يوم الجمعة، وبكر وابتكر، ودنا من الإمام
فأنصت، كان له بكل خطوة يخطوها صيام سنة،
وقيامها، وذلك على الله يسير }
[أحمد وأصحاب السن وصحه ابن خزيمة].
الله أكبر كل خطوة إلى الجمعة تعدل صيام سنة وقيامها؟.
فأين السابقون إلى تلك الهبات، أين المتعرضون لتلك النفحات
ذلك فضل لله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم
[الحديد:21].
9- أن جهنم تسجر – أي تحمى – كل يوم من أيام الأسبوع إلا
يوم الجمعة، وذلك تشريفاً لهذا اليوم العظيم.
[أنظر: زاد المعاد:1/387].
10- أن الوفاة يوم الجمعة أو ليلتها من علامات حسن الخاتمة
حيث يأمن المتوفى فيها من فتنة القبر، فعن ابن عمرو رضي
الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة، إلا وقاه الله
تعالى فتنة القبر } [أحمد والترمذي وصحه الألباني].
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
الجمعة أحكام وآداب
أخي المسلم:يجب على كل مسلم أن يعظم هذا اليوم ويغتنم
فضائله وذلك بالتقرب إلى الله تعالى فيه بأنواع القربات
والعبادات، فإن للجمعة أحكاماً وآداباً ينبغي أن يتحلى بها كل مسلم.
قال ابن القيم: ( وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعظيم
هذا اليوم وتشريفه وتخصيصه بعبادات يختص بها عن غيره،
وقد اختلف العلماء هل هو أفضل أم يوم عرفة )
[زاد المعاد:1/375].
فانظر – يا أخي – كم جمعة مرت عليك مرور الكرام، دون أن
تعيرها أدنى اهتمام، بلإن كثيراً من الناس ينتظر هذا اليوم ليقوم
بمعصية الله عز وجل فيه بأنواع المعاصي والمخالفات.
ومن تلك الأحكام والأداب
1-يستحب أن يقرأ الأمام في فجر الجمعة بسورتي السجدة والإنسان
كاملتين، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل،
ولا يقتصر على بعضهما كما يفعل بعض الأئمة..
2- ويستحب أن يكثر الإنسان في هذا اليوم من الصلاة على النبي
صلى الله عليه وسلم لحديث أوس بن أوس رضي الله عنه،
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
{إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض،
وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه،
فإن صلاتكم معروضة عليّ }
[أحمد وأصحاب السن وصحه النوي وحسنه المنذري].
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
وأعاننا على التطبيق
مشكورة ياغالية