تخطى إلى المحتوى

مادة التربية الإسلامية بين الهوية والمنظومة التربوية 2024.

خليجية

إن التوهم أن التربية الإسلامية يحصرها كتاب أو كتب، أو هي ذلك الكم المعرفي المتواجد بين دفتي الكتاب المدرسي، هي في حد ذاتها سبب تخلف وعجز المنظومة التربوية، والقصور في إنتاج الإنسان الصالح.
فإن مادة التربية الإسلامية بالحيز الزمني الهزيل المخصص لها، وبالطريقة البيداغوجية الحالية التي تدرس بها، لا يمكنها بحال من الأحوال أن تنتج لنا الإنسان المغربي المسلم، الحامل لرسالة الشهادة على العالم.
إن التعاطي السلبي مع التربية الإسلامية في منظومتنا التربوية، أفرز لنا إنسانا في ظاهره وممارسته السلوكية بعيد عن روح الإسلام وعقيدته، عرضة لكل المؤثرات الخارجية، فتحصين عقول أبنائنا وبناتنا، من الغزو الثقافي اللاديني العلماني، أو الإلحاد والكفر البواح، مسؤولية تقتسمها: الوزارة الوصية، والأسرة، والمجتمع.
إن تحويل التربية الإسلامية هذا المكون الأخلاقي والوجداني والعقدي، إلى موقعه الريادي كما كان، وجعله فلسفة شاملة، ينبغي أن تسري روحه في كل المواد الدراسية، لأن المواد الأخرى ليست سوى خادمة لها.
إن الهدف من المنظومة التربوية برمتها: تكوين الشخصية الإسلامية، المتشبعة بهويتها، المحبة لوطنها، أي إنتاج إنسان يعيش واقعه بهويته، للوصول بالإنسان نحو الكمال، وبناء مجتمع متضامن، قائم على قيم الإسلام الصحيح، المستقاة من العقيدة، والرصيد الثقافي، والمعرفي في تراثنا الاسلامي.
إن جعل مادة التربية الإسلامية مادة كغيرها من المواد الأخرى، محدودة بساعات قليلة في الأسبوع، (ساعتان في الإعدادي، وساعة في الثانوي التأهيلي) يعطي انطباعا سلبيا لدى التلاميذ، بأن المواد الأخرى لا علاقة لها بالإسلام، كما أن التفاوت الحاصل في عدد الحصص الأسبوعية، ومعامل التربية الإسلامية بالمقارنة مع المواد الأخرى يوحي للتلميذ أن هذه المادة ليست مهمة، وكأنها مادة تكميلية، وهذا ما يكرس الفصام النكد بين الدين، والحياة، والعلوم الكونية.
إن التربية الإسلامية هي الخيار الحضاري لأمتنا الإسلامية، الذي يجعلنا نحتل موقعنا الريادي بين الأمم، غير أننا نلاحظ أن مشاريعنا الإصلاحية للمنظومة التربوية تغفل هذا الخيار، في مقابل التركيز على استيراد التقنيات والمشاريع التي لا يمكن أن تعطي نتائج فعالة إلا في الوسط والبيئة الفكرية التي أنتجتها.
إن الإصلاح الحقيقي للمنظومة التربوية في المغرب، وغيرها من البلدان العربية الإسلامية، يجب أن يرتكز على إرادة صادقة من طرف المسؤولين في بلداننا العربية والإسلامية، تربط بين تراثنا الحضاري فكرا وسلوكا وأخلاقا …، ومستقبلنا كأمة شاهدة على بقية الأمم.

م/ن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.