كان أبرهة الأشرم نصرانياً من الحبشة، احتلَّ اليمن واستعمرها،
وأراد أن يجلب أنظار العرب إليه، ويصرفهم عن الحج إلى بيت الله الحرام في مكة المكّرمة،
فبنى كنيسة ضخمة، وطلب من الناس أن يحجّوا إليها..
لكنّ الناس لم يلتفتوا إلى كنيسة أبرهة، وظلّوا يحجون إلى الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، وزاد ذلك في غضب أبرهة فقرر أن يسيّر جيشاً نحو الكعبة ويهدمها.
حشد أبرهة جيشاً كبيراً، وساق معه اثني عشر فيلاً ليرهب العرب ويذلّهم..
عندما علمت قريش بذلك.. خافت على نفسها، وعلى الكعبة جداً..
وفي الطريق إلى مكة، تصدّى لأبرهة أشراف اليمن.. وقامت حرب بينه وبينهم، إلاّ أن أبرهة هزمهم شر هزيمة ثم تابع سيره نحو مكة.
وما إن وصل إلى مكة، حتى أغار جيشه على قطعان الإبل، وأخذوا مئتي بعير لعبد المطلب زعيم مكة.. وعندما علم عبد المطلب بذلك قرّر الذهاب إلى أبرهة ليستردَّ إبله التي أخذها منه…
وعندما علم أبرهة بأمر عبد المطلب وما يريده.. تعجّب لذلك أشدّ العجب، فقد كان يظنّه قادماً إليه ليثنيه عن عزمه في هدم الكعبة.. وضحك أبرهة من طلب عبد المطلب، إلاّ أن عبد المطلب قال له:
– أنا ربُّ هذه الإبل، وإن للبيت ربّاً يحميه.
تهيّأ أبرهة لدخول مكة، وطلب من قادة الجيش أن يوجّهوا الفيل الكبير نحو مكة لتتبعه الفيلة الأخرى، لكنّ الفيلبالرك، ولم يقمْ، فضربوه أشدّ الضرب..
ولكنه ظلَّ قاعداً، فأمر أبرهة أن يوجّهوا الفيل نحو اليمن، فقام الفيل يهرول باتجاه اليمين..
وفيما هم في هذه الأثناء.. أرسل الله عليهم أسراباً من الطيور تشبه الخطاطيف، وكان كلُّ طير يحمل أحجاراً ثلاثة حجراً في منقاره، وحجرين في رجليه..
ثم أخذت تقذفهم بهذه الحجارة التي كانت لا تصيب أحداً إلاّ هَلَكَ، حتى دمَّرتهم إلاّ قليلاً منهم أصيبوا بجروح مختلفة.. وردّ اللهُ الكافرين بغيظهم.. لم ينالوا خيراً..
كلُّ هذا وقريش تنظر من فوق الجبال، وترى كيف أنّ الله أنزل عذابه على أصحاب الفيل.. وحمى بيته من الكافرين الأشرار..
ثم التفت عبد المطلب نحو قومه قائلاً:
– ألم أقلْ لكم: إن للبيت ربّاً يحميه؟..