قد تستفيد من العدو أكثر من الصديق ، فالعدو
يكاسرك بالنقد ولا يجاملك كالصديق ، فتطلع على عيوبك ، والعدو ينافسك
فيشحذ همتك على طلب الكمال ، والمبادرة إلى أشرف الخصال ، والعدو
يتشفى بعثرتك فتصبر وتجلد ، فتحصل على ثواب الصابرين ، والعدو يدلك
على سيئتك فتستغفر منها ، ويخبر بنقصك فتلافاه ، والعدو يخبر الناس
بخطئك ، فيذيع لك شهرة وأجراً وذكراً ، وكلما خمل ذكرك ، فتش عنك العدو
وأعلن اسمك في النوادي، والعدو يترصدك فيجعلك يقضان دائماً ، تتأمل
العواقب وتعد العدة ، والعدو ربما ضايقك فكفر من خطاياك ، فهو مصيبة
تؤجر عليها إذا صبرت :
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت
ويبتلي الله بعض القوم بالنعم
والصديق في الغالب تنام إليه ، وتثق به ،وتفشي
له سرك ، وتذيع له مكنونك ، ويطلع على خفايا عيوبك ، ويحصي زلاتك ليوم
الحاجة ، ويعد غلطاتك لساعة الانتقام ، ويعرف مداخلك لوقت الغارة ، ويدرك
ضعفك وتقلباتك ، ثم هو المجامل وربما كتم النصيحة ، وسكت عن الخطأ ،
وأيدك على الزل ، وحسن لك الوقوع ، وضيع عليك الوقت ، وثبطك عن
النجاح ، فهو سم في عسل