تخطى إلى المحتوى

فضل تلاوة القرأن الكريم 2024.


الحمد لله وحده والصَّلاة والسَّلام على من نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه، وبعد…

فإنَّ الاشتغال بالقرآن الكريم من أفضل العبادات سواءً بتلاوته أم بتدبِّر معانيه وكذلك بالعمل به فقد تلقَّى الصَّحابة -رضوان

الله عليهم- هذا القرآن الكريم مدركين مدى الشَّرف الَّذي حباهم الله -سبحانه وتعالى- به، فاقبلوا عليه يتلونه آناء الليل

وأطراف النَّهار حتَّى كان من يمرُّ عليهم ليلًا دويًّا كدوي النَّحل تلاوة القرآن، جعلوه غذاء أرواحهم وقوت قلوبهم وغذاء

أرواحهم وقرَّة أعينهم، فطهرت به نفوسهم وصلحت به سرائرهم، فنسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يكرمنا بكرمه ويجعلنا

نقرأ القرآن الكريم، ويكون لنا حجَّةً يوم القيامة. قال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَ‌زَقْنَاهُمْ

سِرًّ‌ا وَعَلَانِيَةً يَرْ‌جُونَ تِجَارَ‌ةً لَّن تَبُورَ‌ ﴿29﴾ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَ‌هُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ غَفُورٌ‌ شَكُورٌ‌} [فاطر: 29-30].

وقال -تعالى-: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْ‌آنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَ‌حْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارً‌ا} [الإسراء: 82].

وقال -تعالى-: {أَلَا بِذِكْرِ‌ اللَّـهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرَّعد: 28].

وقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّ‌بِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ‌} [يونس: 57].

القرآن الكريم (به رفعة الدَّرجات فى الجنان):

عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في

الدُّنيا، فإنَّ منزلتك عند آخر آيةٍ تقرأ بها» [رواه التِّرمذي 2914 وقال الألباني: حسن صحيح].

معاني الكلمات:
صاحب القرآن: حامله وحافظه الملازم لتلاوته العامل بأحكامه المتأدِّب بآدابه.

ارتق: اصعد في الجنَّة بقدر ما حفظته من القرآن.

فقه الحديث:
– الحضُّ على حفظ كتاب الله وتدبِّره.

– منازل المؤمنين في الجنَّة حسب أعمالهم واجتهادهم في الدُّنيا.

القرآن الكريم (به الرِّفعة والمكانة في الدُّنيا والآخرة):

عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «إنَّ الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين» [رواه مسلم 817].

فقه الحديث:
– العلم يرفع صاحبه في الدُّنيا والآخرة.
– العلم يرفع العبد المملوك حتَّى يجلسه مجالس الملوك.

القرآن الكريم (به يكون من أهل الله المقربون منه):

قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إنَّ لله أهلين من النَّاس، قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال هم أهل القرآن أهل الله

وخاصَّته» [رواه ابن ماجه 179 وصحَّحه الألباني].

فقه الحديث:
– الحضُّ على قراءة القرآن والإكثار منها وعدم الإشغال عنه بغيره.

– الله -سبحانه وتعالى- يشفع القرآن فى أصحابه، وأصحابه هم الَّذين كانوا يقرؤونه في الدُّنيا ويعملون به.

القرآن الكريم (به ينال الشفاعة يوم القيامة):

عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: «اقرؤوا القرآن، فإنَّه يأتي يوم القيامة

شفيعًا لأصحابه» [رواه مسلم 804].

فقه الحديث:
– الحثُّ على الازدياد من الحسنات وقراءة القرآن.

القرآن الكريم (به التجارة الرَّابحة مع الله -سبحانه وتعالى- ومضاعفة الأجر):

عن عبد الله بن مسعود يقول: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة

بعشر أمثالها لا أقول: آلم حرف، ولكنَّ ألف حرف وميم حرف» [رواه التِّرمذي 2910 وصحَّحه الألباني].

القرآن الكريم (به يكون المعلِّم والمتعلِّم من خير النَّاس):

عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه» [رواه

البخاري 5027].

فقه الحديث:

– الحضُّ على تعلِّم القرآن وتعليمه وتدبِّره ومعرفة ما فيه من أحكام وعقائد وسنن في الأمم السَّابقة وما أمر الله به وما

نهى عنه إذ في ذلك الفلاح في الدُّنيا والآخرة.

القرآن الكريم (به تكون مع الملائكة السَّفرة الكرام البررة):

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «الماهر بالقرآن مع السَّفرة الكرام البررة، والذي

يقرأ القرآن ويتتعتع فيه، وهو عليه شاقٌّ له أجران» [أخرجه مسلم 798].

معاني الكلمات:
ماهر به: مجيد لفظه على ما ينبغي بحيث لا يتشابه ولا يفق فى قراءته.

السَّفرة: هم الملائكة الرُّسل إلى الرُّسل صلوات الله عليهم.

البررة: المطيعين.

يتتعتع: يتردد عليه بسبب المشقَّة في القراءة أو حفظه.

فقه الحديث:
– الَّذي يداوم على قراءة القرآن ويحرص عليه منزلته أعظم من منزلة من لا يداوم عليه.

– من يقرأ القرآن وهو شاقٌّ عليه له أجران أجرٌ على قراءته وأجرٌ على مشقته وتعتعته.

بعض أقوال الصَّحابة -رضي الله عنهم- عن القرآن الكريم وقارئه:

1- قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "ينبغي لقارئ القرآن أن يعرف بليله إذا النَّاس نائمون، وبنهاره إذا النَّاس مفطرون،

وببكائه إذا النَّاس يضحكون، وبورعه إذا النَّاس يخلصون، وبصمته إذا النَّاس يخوضون، وبخضوعه إذا النَّاس يختالون، وبحزنه إذا

النَّاس يفرحون".

2- قال عثمان بن عفان وحذيفه بن اليمان -رضي الله عنهما-: "لو طهرت القلوب لم تشبع من قراءة القرآن".

3- قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "إذا أردتم العلم فانثروا القرآن فإنَّ فيه علم الأولين والآخرين".

آداب تلاوة القرآن الكريم

أوَّلًا: يجب على قارئ القرآن الكريم أن يخلص النِّيَّة لله -تعالى- ويكون دائمًا بعيدًا عن الرِّياء والسُّمعة؛ لقوله -تعالى-: {قُلْ

إِنِّي أُمِرْ‌تُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ} [الزُّمر: 11].

ثانيًا: قراءة القرآن من أفضل العبادات لله لذا فعلى القارئ أن يحضر قلبه مع عقله وقت القراءة لكي يزداد تدبرًا؛ لقول الله

-تعالى-: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَ‌كٌ لِّيَدَّبَّرُ‌وا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ‌ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29].

ثالثًا: عند البدء بالقراءة يستعيذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم؛ لقول الله -تعالى-: {فَإِذَا قَرَ‌أْتَ الْقُرْ‌آنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ مِنَ الشَّيْطَانِ

الرَّ‌جِيمِ} [النَّحل: 98].

ومعنى الاستعاذة: الالتجاء والاعتصام بالله من الزَّلل ومن وساوس الشَّيطان.

الَّذى يتلو القرآن يناجى الله -تعالى- فليحرص على هذه الأمور ومنها:

1- أن يجلس فى مكان طاهر.

2- أن يستقبل القبلة ما أمكنه.

3- يجلس فى خضوعٍ وخشوعٍ؛ لأنَّه يناجى الله -تعالى-.

4- لا يقرأ وهو يغالب النُّعاس خشية الخطأ.

5- ينظف فاه بالسّواك.

6- يحرص على نظافة ثوبه مع التَّطيُّب.

7- إذا مرَّ بآيات الرَّحمة سأل الله من فضله، وإذا مرَّ بآيات العذاب استعاذ بالله منها.

8- لا يرفع صوته بالقرآن إذا كان بجواره من يقرأ القرآن فكلٌّ يناجى ربَّه وحتَّى لا يشوش عليه.

9- أن يزيِّن القرآن بصوته ويحسن صوته قدر ما يستطيع من غير مبالغةٍ ولا تكلُّفٍ.

10- لا حرج على القارئ أن يرد السَّلام على من يسلم عليه ثمَّ يعود بعدها للقراءة.

11- إذا كان في المسجد وسمع المؤذن قطع قراءته وتابع المؤذن في النِّداء ثمَّ يستمر بالقراءة بعد الإنتهاء من الآذان.

وللفائدة نبيِّن صور لهجر القرآن ومنها هجر تلاوته

المعرضون عن القرآن الهاجرون له قد شكاهم النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، إلى ربِّه -عزَّ وجلَّ-: {وَقَالَ الرَّ‌سُولُ يَا رَ‌بِّ إِنَّ

قَوْمِي اتَّخَذُوا هَـٰذَا الْقُرْ‌آنَ مَهْجُورً‌ا} [الفرقان: 30].

قال ابن القيِّم:
هجر القرآن أنواع:

– هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه.

– هجر العمل به والوقوف عن حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به.

– هجر تحكيمه والتَّحاكم إليه في أصول الدِّين وفروعه.

– هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.

– هجر الاستشفاء به من جميع الأمراض القلوب هذا كلّه داخل في قوله -تعالى- في الآية السَّابقة.

تنبيهٌ:
وهناك لونٌ من هذا الهجر كثر وشاع فى عصرنا يتمثل في وضع المصحف في مكانٍ معيَّنٍ للتَّبرك بوجوده فحسب كأن يوضع

على رفِّ البيت أو فى مؤخرة السَّيَّارات أو مقدِّمتها حتَّى يعلوه التُّراب والغبار بما يشهد بأنَّه مهجورٌ، وهنا سواء الأدب مع

كتاب الله.

وفي الختام نسأل الله أن يجعل القرآن العظيم حجَّةً لنا لا علينا، والحمد لله ربِّ العالمين وصلَّى اللهمَّ وسلَّم على نبيِّنا

محمَّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

يعطيك العافيه وجعل ذلك في موازين حسناتك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.