اللَّهُمَّ بارِكَ : مَا أجْمَلَ أَنْ يَتَفِقَ الزَّوْجَانِ عَلَى أَنْ يَكُونَا لِبَعْضِهِمَا-بِإذْنِ اللهِ تَعَالَى-فِي الدُّنْيَا وَ الآَخِرَةِ ،
شِعَارٌ يَتَمثَّلانِهِ، وَهَدَفٌ يَنْشُدَانِهِ .
حِينَهَا سَيَرْسُمَانِ بِكَفٍّ وَاحِدَةٍ صُورَةَ الوَفَاءِ فِي أَبْهَى حُلَلِهِ ،
وَينْسِجَانِ ثَوْبَ السَّكِينَةِ مِنْ خُيُوطِ المَوَدَّةِ وَ الرَّحْمَةِ التِّي سَكَبَهَا اللهُ تَعَالَى فِي قَلْبَيْهِمَا.
أَمْرٌ أَكِيدٌ أَنَّهُ لَنْ يُوَفَّقَ لِهَذَا الأَمْرِ الخَطِيرِ إِلاّ مَنْ وَفَّقَهُ اللهُ تَعَالَى
غَيْرَ أَنَّ رَجَاؤَهُمْ فِي بُلُوغِ هَذِهِ المَرْتَبَةِ العَلِيَّةٍ أَمْرَانِ اثْنَانِ :
أَنْ يُثَبّتَ اللهُ تَعَالَى قَلْبَيْهِمَا عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ وَ أَنْ يَبْذُلَا مَا قُدِّرَ لَهُمَا مِنْ جُهْدٍ
فِي سَبِيلِ تَحْقِيقِ هَذهِ الغَايَةِ الفَرِيدَةِ(التِّي تَحْتَاجُ صَبْراً وَمُجَاهَدَةً..!).
وَهُمَا فِي ذَلِكَ عَلَى هُدىً وَسُنَّةٍ -إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى-
فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا :
" أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ ؟ "، قُلْتُ : " بَلَى، وَاللهِ "،
قَالَ : " فَأنْتِ زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ " .
وعَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ رَضِي اللهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ لأَبِي الدَّرْدَاءِ
رَضِي اللهُ عَنْهُ عِنْدَ المَوْتِ:
إِنَّكَ خَطَبْتَنِي إِلَى أَبَوَيَّ فِي الدُّنْيَا، فَأَنْكَحُوْكَ، وَأَنَا أَخْطِبُكَ إِلَى نَفْسِكَ فِي الآخِرَةِ،
قَالَ: فَلاَ تَنْكِحِيْنَ بَعْدِي. فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ، فَأَخْبَرَتْهُ بِالَّذِي كَانَ.
أَيُّهَا الأَزْوَاجُ المُبَارَكُونَ :
دَعْكُمْ مِنْ رِوَايَةِ فُلاَنٍ وَ فُلانَةٍ وَ قِصَّةِ عِلاِّنٍ وعِلاَّنَةٍ،
وَهَلُمُّوا إِلَى الفَلاَحِ وَالنَّجاحِ وَالخَيْرِ وَالبَرَكَةِ ،
أَمَامَكُم سِيرَةُ نَبِيّكُمُ الكَرِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ وَسّلَّم الذِّي كَانَ خَيْرَ أصْحَابِهِ لَأهْلِهِ،
قَلِّبُوا صَفَحَاتِهَا بِرَويَّةٍ وَ تُؤَدَةٍ لِتَعْلمُوُا كَيْفَ تَنْهَلُونَ مِنْ نَبْعِ الحَيَاةِ الطَيِّبَةِ السَّعِيدَةِ،
وَانْظُرُوا فِيهَا ، وَخُذُوا مِنْهَا سُنَّةَ الزَّوجِ الوَفِّي المُخْلِصِ وَالحِصْنَ المَنِيعَ والقَلْبَ
الحَانِيَ وَعِيشُوُا تَحْتَ ظِلاَلِهَا الوَارِفَةِ حَتَّى تَصِلُوا جَمِيعاً -بِإذْنِ اللهِ تَعَالَى-إِلَى دَارِالأفْرَاحِ الخَالِدَةِ.
﴿إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ{55} هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ
مُتَّكِؤُونَ{56} لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ{57} سَلَامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ{58}﴾[يس]
﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ
كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ{21}﴾[الطُّور]
والحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.