حديثنااليوم عن عبادة لها طرفى جناح لا تستقيم بجناح دون الاخر
عبادة اليوم هى الخوف والرجاء
إن الخوف والرجاء هما جناحا المؤمن يطير بهما في سماء محبة ربه جل وعلا. ولا بد من تحقيق التوازن بين الخوف والرجاء حتى تستقيم حياة المؤمن في الدنيا وفي الآخرة
الصحابة بين الخوف والرجاء
ومن أمثلة التوازن بين الخوف والرجاء في حياة الصحابة
قول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه: "لو نودي أن كل الناس في النار إلى واحدًا لظننت أنه عمر، ولو نودي أن كل الناس في الجنة إلا واحدًا لظننت أنه عمر".
ومنها قول سيدنا أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه: "لو أن إحدى قدمي في الجنة والأخرى خارجها ما أمنت مكر الله عز وجل".
وقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أحد الصحابة وهو في حالة الاحتضار وسأله كيف تجدك فقال: "أجدني أرجو رحمة ربي وأخاف عذابه
فقال صلى الله عليه وسلم: "لا يجتمع هذان في قلب عبد في هذا الموضع إلا أعطاه الله ما يرجو وأمنه مما يخاف".
وفي الحديث:"لا يجمع الله على عبد أمنين ولا خوفين، من خافه في الدنيا أمنه يوم القيامة، ومن أمنه في الدنيا أخافه يوم القيامة".
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-
{ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الكبائر فقال: الشرك بالله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله }
الخوف والرجاء من القران الكريم
ان المتدبر لايات الله يجدها حثت على فعل الطاعات وبينت لنا ثوابها وثمراتها لنكثر منها، ونهت عن المعاصي وبينت لنا عقابها و آثارها الضارة لنحذر منها ونتجنبها
كما أن الله عز وجل وصف لنا الجنة وما فيها من النعيم والفوز المقيم لنعمل لها، ووصف لنا النار وما فيها من العذاب الأليم والهوان المقيم لنترك الأعمال الموصلة إليها، وهكذا كثيرًا ما نجد آيات الوعد إلى جانب آيات الوعيد. وذكر الجنة إلى جانب ذكر النار، ليكون العبد دائمًا بين الخوف والرجاء. لا يأمن من عذاب الله ولا ييأس من رحمة الله
كما قال تعالى:
وَالَّذِينَ هُم مّنْ عَذَابِ رَبّهِم مُّشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ[المعارج:27،28].
وقال تعالى:
وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ[الرعد:6].
وقد وصف الله أنبياءه وخواص أوليائه أنهم يدعون ربهم خوفـًا وطمعًا ورغبًا ورهبًا ويرجون رحمته ويخافون عذابه
وقد أمر الله العباد أن يخافوه ويرهبوه ويخشوه في آيات كثيرة
قال تعالى:
فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ[آل عمران:175].
وقال تعالى:
فَإيَّـيَ فَارْهَبُونِ[البقرة:40].
وقال تعالى:
فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ[المائدة:44].
وقد وصف الله سبحانه أنبياءه والصالحين من عباده أنهم يجمعون بين الخوف والرجاء
فقال تعالى:
إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِى الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خـاشِعِينَ [الأنبياء:90].
قال تعالى:
أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَـافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ كَانَ مَحْذُورًا [الإسراء:57].
صفة الخوف والرجاء
والخوف المحمود الصادق هو الذي يحول بين صاحبه وبين محارم الله – عز وجل ـــ
والرجاء المحمود الصادق هو الثقة بجود الرب سبحانه وفضله وكرمه
ولابد أن يقترن معه العمل، قال تعالى:
{ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَـالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبّهِ أَحَدَا } [الكهف:110].
وقال تعالى:
{ إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَـاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم }ٌ [البقرة:218].
فالرجاء لا يصح إلا مع العمل
انواع الرجاء
والرجاء ثلاثة أنواع
الأول:
رجاء رجل عمل بطاعة الله على نور من الله، فهو راج لثوابه.
والثاني:
رجاء رجل أذنب ذنبًا ثم تاب منه، فهو راج لمغفرة الله وعفوه وإحسانه وجوده وحلمه وكرمه.
والثالث:
رجل متمادٍ في التفريط والخطايا يرجو رحمة الله بلا عمل، فهذا هوالغروروالرجاء الكاذب.اعاذنا الله واياكم منه
التعادل بين الخوف والرجاء
الواجب على العبد مادام على قيد الحياة أن يكون متعادلاً بين الخوف والرجاء، فلا يغلب جانب الرجاء لئلا يفضي به ذلك إلى الأمن من مكر الله. فيكون من الذين قال الله فيهم:
أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَـاسِرُونَ [الأعراف:99]
ولا يغلب جانب الخوف لئلا يفضي به إلى اليأس من رحمة الله. فيكون من الذين قال الله فيهم:
{ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ }
[الحجر:56].
ومن الذين قال الله فيهم:
{ إِنَّهُ لاَ يَايْـئَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَـافِرُونَ }
[يوسف:87].
وصف العلماء للخوف والرجاء
قال بعض العلماء:
الخوف والرجاء كجناحي الطائر إذا استويا استوى تم طيرانه، وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص، وإذا ذهبا صار الطائر في حد الموت
وقال بعضهم:
الراغب في سيره إلى الله – عز وجل – بمنزلة الطائر. فالمحبة رأسه. والخوف والرجاء جناحاه. فمتى سَلِمَ الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو عرضه لكل صائد وكاسر
كيف يتم التوازن بين الخوف والرجاء
على المسلم أن يظل دائماًبين الخوف والرجاء، وعليه أن يقوي جانب الرجاء حينما يريد الشيطان أن يلبس عليهويقنطه من الرحمة
والأفضل في حال الشدة أو المرض تغليب الرجاء.
ويقوي جانب الخوف عندما يريد تأمينه من سخط الله وغضبه
ويدل لتأكيد الحرص على الأمرين، قوله تعالى
{وَادْعُوهُخَوْفًا وَطَمَعًا {الأعراف:56}
وقوله في وصف بعض الأنبياء
{ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا {الأنبياء:90}
ويدل لخطورة اليأس وأمن غضب الله قوله تعالى
{ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّالضَّآلُّونَ {الحجر:56}
وقوله تعالى
{أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّالْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ {الأعراف:99}
وقال بعض الصالحين:
"لأن تجلس مع أناس يخوفونك حتى تأمن، خير لك من أن تجلس مع أناس يؤمنونك حتى تخاف".
ونجد أن بعض العلماء يقول
يجب أن يتساوى الخوف والرجاء، وبعض السلف قال " يغلب جانب الخوف على جانب الرجاء " وبعض السلف قال " يغلب جانب الرجاء على جانب الخوف "، وهي أقوال متباينة ظاهرا، لكنها متفقة في الحقيقة لأن كل قول منها يرجع إلى حالة مما ذكرنا.
فمن قال: يغلب جانب الخوف على الرجاء، فهو في حق الصحيح العاصي
ومن قال: يغلب جانب الرجاء على الخوف، فهو في حق المريض الذي يخاف الهلاك أو من يخاف الموت
ومن قال: يساوي بين الخوف والرجاء، فنظر إلى حال المسددين المسارعين في الخيرات، وهذه الحال التي هي حال المسددين هي التي وصف الله -جل وعلا- أهلها بقوله
{ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ }
و قوله -جل وعلا- في سورة الإسراء { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا }
بعض النصائح التي تمكننا من تحقيق التوازن بين الخوف والرجاء في حياتنا
1 – حاسب نفسك على كل عمل تعمله، وسل نفسك هل الله يحب هذا العمل أم لا؟
2 – إذا كان العمل مما يحبه الله فسل الله عز وجل أن يرزقك به الجنة. وإذا كان مما يبغض الله فاحذر أن تكرره فإن الله يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.
3 – عايش مواقف حياتك وتخيل في آخر يومك أن الله عز وجل قد أدخلك الجنة بأعمالك الصالحة التي عملت، أو قد أدخلك النار بأعمالك الطالحة التي عملت. وتمثل أن الله سبحانه وتعالى يراقب كل أعمالك ويجازيك عليها أولا فأولاً.
4 – داوم على ذكر الله عز وجل ولا تنسه أبدًا.
5 – تمثل وصية النبي صلى الله عليه وسلم لحارثة حينما سأله كيف أصبحت يا حارثة؟
فقال له: "أصبحت مؤمنًا حقًّا يا رسول الله"، فقال: "انظر فإن لكل قول حقيقة"… فأوصاه النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث وقال له: "عرفت فالزم".
6 – إذا كنت تريد حقًّا أن تكون من الراجين فسل نفسك هل يسوقك رجاؤك إلى درجة الاستخفاف بنظر الله عز وجل وأنت تفعل المعصية؟ ولماذا ترجو ربك وعلى أي عمل؟
7 – وإذا كنت تريد حقًّا أن تكون من الخائفين،
فسل نفسك هل يمنعك خوفك من ربك أن تقدم على معصيته؟!
واخيرا اخوانى واخواتى الكرام
نتذكرجميعا ان الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيءالليل. فلا تظلم نفسك ولاتحرمها من عفو الله.
ونختم بفائدة حول شروط التوبة كماقررها العلماء وهي أربع
أولها : أن يقلع عن المعصية
والثاني : أن يندم على فعلها
والثالث : أن يعزم ألا يعود إليها أبداً
والرابع : أن يبرأ من حق صاحبها إن كانتتتعلق بحق آدمي كمال أو عرض ونحوهما.
اللهم إنا نسألك التوبة من كل ذنب والعفو عندالحساب والمغفرة من كل إثم ونسألك الفوز بالجنة والنجاة من النار ياعزيزياغفار.
ونتذكر دائما ان العلماء قالوا ان ارجى اية في كتاب الله هى في قوله تعالى { قل يا عبادى الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطو من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم}
بك أستجير ومن يجيـــــــر ســـــــواك ** فأجر ضعيفــــــــاً يحتمي بحماكـــــــا
إنِّي ضعيف استعيـن على قـــــــــوى ** ذنبي ومعصيتـــي ببعض قواكــــــــــا
أذنبـت يـا ربـــي وآذتني ذنوبـــــــــي ** ما لهـا من غافـــــــــــر إلا كــــــــــــــا
دنياي غرتني وعفوك غـــــــــــــــرني ** ما حيلتي في هذه أو ذاكــــــــــــــــا
لو أن قلبي شك لم يك مؤمنــــــــــــاً ** بكريم عفــوك ما غـــوى وعصاكـــــــا
يا مـــــــدرك الأبصــــــــار والأبــــــــصار ** لا تدري له ولكنهــــــــه إدراكــــــــــــا
أتراك عين والعيــــــــون لها مـــــــدى ** ما جاوزته ولا مــــــدى لمداكـــــــــــا
إن لم تكــــــــن عيني تراك فإننـــــي ** في كل شـيء أستبين عُلاكــــــــــا
يا منبت الأزهــار عـاطرة الشــــــــــذا **هذا الشذا الفواح نفح شذاكـــــــــــا
يا مرسل الأطيار تصـدح في الرُبــــــــا ** صدحاتهـــا الهــــــام موسيقاكـــــــــا
يا مجري الأنهــــــــــار ما جريانهـــــــا ** إلا انفعالة قطــــــــــرة لنداكــــــــــــــا
رباه ها أنا خلصـــــت من الهـــــــــوى ** واستقبل القلب الخلي هواكــــــــــــا
وتركت أُنسِي في الحياة ولهوهـــــــا ** ولقيت كل الأنس فـي نجواكــــــــــــا
ونسيـت حبي واعتزلــــــــت أحبتــي ** ونسيت نفسي خــوف أن أنسـاكـــــا
أنا كنت يا ربي أسيـــر غشــــــــــاوة ** رانت على قلبي فضــل سناكــــــــــا
وجزاكـــــم اللـــــه خيـــــرا
اسال الله العظيم ان يرحمنا ويغفر لنا وان اكون قدمت لكم افادة ولو بسيطة
وجزاكى الله خيرااا
على هذا الموضوع المؤثر