الحب و الاحتياج ..
تتداخل خطوط حياتنا مع قلوب تعلن استعدادها لأن تمنحنا مشاعرها و دفءها في مقابل بعض المشاعر و بعض الوقت ..
يحق لنا الرفض او الاستجابة .. فليس في شرع الاحاسيس ان نحب كل من احبونا و ان نصادق كل من رغبوا صداقتنا ..
ويحق لنا ان نحاول فهم رغباتهم الملحة و المتتبعة .. و يحق لنا أن نقيمها و نختبرها و ان نحتفظ بنتائجنا لانفسنا و نقرر بشكل فردي ما نراه ..
أقول دوما .. الانسان ليس مسئولا عن عاطفة احد تجاهه .. طالما لم يحاول في لحظة ما ان يستأثر بهذا الاحساس ..
فثم من يتحايل على مشاعر الآخرين ويعد بعقله الواعي المواقف و الحوادث التي من شأنها أن تلقي جمرة المشاعر في قلوب بعضهم
هؤلاء يتحملون مسئولية مشاعر الآخرين تجاهم طالما ساهموا بقدر في ميلادها
وهناك من يفعلون ذلك بدون وعي … حيث تأتي طبيعة شخصياتهم بالنتيجة نفسها , لكنهم لا يفطنون لدورهم .. هؤلاء يتحملون قدرا أقل من المسئولية
أما من لا يساهمون بوعيهم او بدونه في نمو المشاعر لدى الآخرين . فهؤلاء لا يتحملون تبعاتها ..
والاحرى الا يكون الانسان مسئولا عن مشاعر تثيرها الحاجة ..
..
ومشاعر الاحتياج ربما نراها كثيرا في من نتعامل معهم يوميا .. و ربما لو انعكست ذواتنا على مرآة لرأيناها ..
و الأصل في مشاعر الاحتياج الافتقاد للشعور لا للاشخاص ..
فالمرء حينما يظمأ لا يبحث عن كوب ماء مثلج .. او عن نوع خاص من العصائر .. ولا يهتم كثيرا حينما يشتد عليه بالظمأ بصفاء الماء الذي يشربه او نظافه الاناء الذي يشرب فيه ..
هو يبحث عن شعور الارتواء ولا يهم بعد ذلك شئ
اما اذا تبدل الأمر .. و اتى المرء الشراب لا يشكو الحاح الظمأ فهو يحصي اشياءا عدة قبل أن يهم بالشرب ..
وذلك تماما ما يحدث في حال المشاعر ..
فالمرء الذي يفتقد مشاعر الصداقة .. اذا ما انضم الى مجتمع جديد يمنح صداقته لأول من يصادفه .. حتى اذا تعرف الى آخرين ربما نسي هذا الصديق الأول
ولعل الكثير منا قد مر بهذه التجربة او تابع بعض المشاهدات المثيلة
ففي بداية الانتظام في الدراسة الجامعية مثلا نلاحظ ظمأ الشباب للتعرف الى الفتيات و العكس .. باستثناء البعض ممن تعود الأمر و ممن لا يضعون الامر نصب اعينهم ..
هذا الظمأ يدفعهم للحديث و التعرف الى اي زميل او زميلة بلا تفرقة او محاولة للاختيار .. تحت وطأة الاحتياج لا اكثر
وحينما تخفت حدة الاحتياج .. تبدأ المشاعر الحقيقة في الظهور
وفي علاقات الحب مثلا ..
يلتقي شاب يبحث عن فتاة يمنحها مشاعرها وكلماته في الحب في مقابل اهتمامها , بفتاة تحلم بمن يشبع احساسها بانوثتها لتمنحه مشاعرها .. يتحابان .. و ربما ينتهي الأمر بالزواج
ورغم ذلك يبقى الحب منقوصا للبداية المشوهة .. مع التأكيد على أن اتمام الزواج بين المتحابين ليس دليلا على صدق المشاعر و ليس معيارا لنجاح الحب او فشله ..
وهناك قصص الحب التي تبدأ لتجربة مشاعر الحب ..
الدافع هنا هو الرغبة في التجربة .. وهي درجة من الاحتياج
ويختلف بالتأكيد عن الحب الذي ينشأ عن الرغبة في شخص بعينه و القدرة على معايشة الاحاسيس مع آخرين
ربما يكون هذا حب حقيقي .. و الآخر ايضا حب حقيقي
لكن يبدو الحب الناشئ عن الاحتياج للمشاعر بلا قيمة أما الحب الناشئ عن الاحتياج لشخص بعينه
لا أقول ان الحب الذي يولده الاحتياج حب فاشل او غير حقيقي او غير صادق ..
انما هي محاولة للتفرقة بين المشاعر ..
بين ماهو صادق .. وماهو اصدق
يسلموووووو