الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، أما بعد:
فمن صفات سلف هذه الأمة الصالح، وجيلها الرائد: التسامح، وسعة الصدر، وقبول الآخر، واحتمال الأذى، والتواضع للخلق، وحب العفو، والتجاوز عن المخطئين، والإعراض عن الجاهلين.
ومن أخبارهم في ذلك:
بل يدخل معك أنت:
قال رجل لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه-: "والله لأسبنك سبًّا يدخل معك قبرك".
فقال أبو بكر: "بل يدخل معك لا معي".
طأطئ لكلمة السوء:
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إذا سمعت الكلمة تؤذيك فطأطئ لها حتى تتخطاك".
لا تفرط في شتمنا:
قال سفيان الثوري: كان ابن عياش النتوف يقع في عمر بن ذر ويشتمه، فلقيه عمر فقال: "يا هذا لا تفرط في شتمنا، وأبق للصلح موضعاً، فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا، بأكثر من أن نطيع الله فيه".
وقعت في الشغل:
قال رجل لعمرو بن العاص: "والله لأتفرغنَّ لك".
فقال له عمرو: "هنالك وقعت في الشغل".
فقال الرجل: "كأنك تهدنني.. والله لئن قلت لي كلمة لأقولنَّ لك عشراً".
فقال عمرو: "وأنت والله لئن قلت لي عشراً لم أقل لك واحدة"!!
شكر القدرة:
قال علي بن أبي طالب: "إذا قدرت على عدوّك، فاجعل العفو عنه شكراً للقدرة عليه".
عيوبنا أكثر:
خرج علي بن الحسين يوماً من المسجد فسبَّه رجل، فقام الناس إليه، فقال: "دعوه"، ثم أقبل عليه فقال: "ما ستر الله عنك من عيوبنا.. ألك حاجة نعينك عليها؟"، فاستحيا الرجل، فألقى إليه خميصةً كانت عليه، وأمر له بألف درهم.
ادفع بالتي هي أحسن:
قال الشافعي:
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى *** ودافع ولكن بالتي هي أحسن
هذا من كرمهم:
قالت امرأة عبدالله بن مطيع له: "ما رأيت ألأم من أصحابك، إذا أيسرت لزموك، وإن أعسرت تركوك"..
فقال: "هذا من كرمهم، يغشوننا في حال القوة منا عليهم، ويفارقوننا في حال العجز منا عنهم".
علامة النبل:
قال أيوب السختياني: "لا ينبل الرجل حتى يكون فيه خصلتان: الغنى عما في أيدي الناس، والتجاوز عما يكون منهم".
هكذا المعاتبة:
كتب رجل إلى صديق له بلغه أنه وقع فيه:
لئن ساءني أن نلتني بمساءةٍ *** لقد سرّني أني خطرت ببالكَ
اطلب لأخيك المعاذير:
قال إبراهيم بن أدهم: "اطلب لأخيك المعاذير من سبعين باباً، فإن لم تجد له عذراً، فاعذره أنت".
السماحة تدخل الجنة:
قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: "ربَّ فاجر في دينه، أخرق في معيشته، يدخل الجنة بسماحته".
أنا عمر بن عبد العزيز:
قام عمر بن عبد العزيز يصلي الليل في مسجد بني أمية، وكان السراج قد انطفأ، فاصطدمت قدماه برجل نائم، فقام النائم وقال: "أحمار الذي وطأني؟".
قال عمر: "لا..أنا عمر بن عبد العزيز ولست حماراً".
ما عرفني إلا أنت:
زاحم رجل سالم بن عبدالله في الطواف، وضيق عليه ثم قال له: "أنت رجل سوء".
فقال سالم: "ما عرفني إلا أنت"!!
أنت حر لوجه الله:
جاء غلام لابن عون فقال: "فقأت عين الناقة".
فقال ابن عون: "بارك الله فيك".
قال الغلام: "أقول لك فقأت عين الناقة، وتقول: بارك الله فيك؟!".
فقال ابن عون: "أقول أنت حرٌّ لوجه الله"…
يدعو لسارقه:
سرق للربيع بن خثيم فرس، فقال أهل مجلسه: "ادع الله على سارقه"، فقال: "بل أدعو الله له، اللهم إن كان غنيًّا فأقبل بقلبه، وإن كان فقيراً فأغنه".
وشتم رجل الشعبي فقال له: "إن كنت صادقاً، فغفر الله لي، وإن كنت كاذباً فغفر الله لك".
اللهم أعنا على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن عبادتك
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
لو تسامح يصفوه باللضعيف
بعطيكي العافيه
وفي ميزان حسناتك
تقبلي مروري