تخطى إلى المحتوى

نَعْش الحياة الزوجية 2024.

  • بواسطة
في بداية زواجي كنت كلما رفع زوجي صوته عليّ رفعته أكثر منه, وإذا أخطأ في حقي أغضب منه وأقاطعه، وأقصد في كل ذلك نصحه و إفهامه حقيقة الأمر، ولا أقصد أبداً إيذاءه أو إغضابه, ولكنني أجد أن غضبه يشتد وتطاوله عليّ يزداد والمشكلة تكبر، ولا أخرج بأيّ نتيجة مما كنت أريد , فهو لا يفهمني ولا يصدِّقني ولا يتقبل مني شيئاً, فأتركه أياماً غاضبة وأنتظره ليعتذر لي, ولكن زوجي لا يعتذر أبداً ولو جلست غاضبة شهراً، مما أثر على نفسيتي وتعاملي مع أطفالي فأصبحت عصبية معهم, هذا فوق ما أجده من آلام رأسي وارتفاع الضغط وآلام المعدة والقولون, بينما زوجي لا يعاني من أي شيء مما أعاني أنا منه حينما نكون متخاصمين بالرغم من أنه هو المخطئ في حقي.

و قد نصحتني من أرادت بي الخير أن أبتعد عن هجره حفاظاً على صحتي و تعظيماً لحقه و احتساباً للأجر العظيم عند الله تعالى , وأوصتني جزاها الله خيراً أن أستبدل غضبي هذا ونديتي أمامه بمناقشة المشكلة بعد هدوء الزوج, وألا ننام تلك الليلة وفي نفس أحدنا شيء من صاحبه, ولله الحمد عملت بنصيحتها فتجنبت كثيرا مما كنت أعاني منه, وأصبحت نفسيتي و كذا نفسية زوجي أكثر تسامحاً وصفاءاً وغمرت بيتنا السعادة..

وأخري تقول: في واحدة من الخصومات الزوجية بيني وبين زوجي التي كثيراً ما تكون لعدم انصياعه لكلامي أو تحقيقه لطلباتي، قررت أن أترك له البيت، فحملت حقيبتي وذهبت إلى بيت أهلي و تركت اطفالي بالبيت معه وجلست أنتتظره ليأتي إلى بيت أهلي ليعتذر ويأخذني أو حتى يتصل بالهاتف, وطالت مدة الانتظار وأنا أكتوي بنار البعد عن صغاري وبيتي وزوجي الذي أحبه، هذا فوق ما وجدته من عنت الناس وكثرة أسئلتهم المحرجة وتبرعهم لي بنصائح لا قيمة لها، وقلقت نفسيتى وزادت تعاستي وسلبت صحتي وعافيتى بعدها يوماً بعد يوم، حتى توسط أزواج بعض الأخوات وطلب منه إرجاعي إلى بيتي وصغاري حتى منّ الله علىّ وعدت إلى بيتي وأولادي وزوجي, وبعد سنواتٍ حصلت بيني وبين زوجي مشكلة كبيرة جداً كان ظالماً لي فيها لكنني لم أفكر في العوده الي بيت أهلي مرة أخرى لأنني أخذت درساً في المرة الأولى، بل قمت واعتذرت من جرمٍ لم أرتكبه، ونفذت له طلباته والله حسبي ونعم الوكيل، صدقوني إن بيوت أهلنا التي هي جنان قلوبنا لا تكون كذلك إلا حينما نذهب إليها ونحن سعداء مع أزواجنا وأولادنا .

هذه بعض مشاهد الخصومات الزوجية التي تنشأ من عدة أسباب على رأسها ندية الزوجة وعنادها وتحديها لزوجها ، ومحاولات إثبات أنها مثله سواءً بسواء، لها الأمر والنهي كذلك كما أن له الأمر و النهي ولها في البيت مثل ما له، وأنه لا أحد أحسن من أحد حتى صارت هناك لعبة واحدة تمارس في معظم البيوت بين الزوجين ألا وهى:

زوجة تعامل زوجها بتحدٍ و ندية وترفع أنفها في وجهه ، وزوج يحاول كسر أنف زوجته رداً على محاولاتها إثبات تحديها له .

وإلى تلك التي تناطح الرجال نقول:

إذا تناطح رأسان صلبان تألما معاً، وإذا تصارعت إرادتان قويتان انكسرت إحداهما وانكسرت معها الكرامة.

في الماضي عرفت المرأة نفسها وأدركت دورها عندما كانت الحياة على الفطرة والبيوت بسيطة والزوجات يدركن قدر أزواجهن ويحترمنهم، أما اليوم فلقد اعتقدت كثيرات أن في طاعة الزوج مهانة، وفي حسن التبعل للزوج ذلة، وفي إعطاء الزوج مكانته انتقاصاً من قدرها، وفي اعترافها لزوجها بالجميل تشجيعا له على الاستعلاء والغرور والتسلط .

فهل يمكن أن تكون تلك البيوت ساكنة مستقرة سعيدة ؟! إنه وبالطبع لا ..

بل إن أول وأكبر الخسائر تقع على كاهل المرأة الضعيفة قبل أن يعاني الرجل شيئاً كما رأينا من بعض القصص الواقعية الكثيرة التي ذكرنا شيئاً منها ، وكما ترى المرأة المنصفة من نفسها، ويكفي تحذير النبي صلى الله عليه وسلم لمن لا تعترف لزوجها بالجميل وتتنكر لفضله.إذ يقول صلى الله عليه وسلم : ( أُريت النار فإذا أكثر أهلها الناس، يكفرن) قيل أيكفرن بالله ؟ قال صلى الله عليه وسلم ( لا.. يكفرن العشير ، لو أحسنت لإحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيراً قط ) البخاري ( 5197 )

و قال صلى الله عليه وسلم : (لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها و هي لا تستغني عنه ) رواه النسائي و صححه الألباني في الصحيح ( 289 ).

والزوجة التي تعامل زوجها بندية عليها ألا تلوم إلا نفسها إن حاول الزوج كسر أنفها ليثبت أنه الرجل و رب البيت و العائل و القوّام.

ولو علمت المرأة قدر زوجها وحقه عليها لماعرفت الندية ولا التحدي إلى نفسها سبيلاً، قال صلى الله عليه وسلم : ( ما ينبغي لأحد أن يسجد لأحد، ولو كان أحد ينبغي له أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لما عظّم الله من حقه ) رواه ابن حبان وحسنه الألباني في الإرواء (1998)

وقال صلى الله عليه وسلم ( حق الزوج على زوجته أن لو كانت به قرحة فلحستها ما أدت حقه ) صحيح الجامع (3148)

وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ( يا معشر النساء، لو تعلمن بحق أزواجكن عليكن لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن قدمي زوجها بخد وجهها ).

نعم أختاه إنها حقوق قدّرها الله العليم الخبير، وتؤمن بها المرأة المؤمنة فتخالف طبعها وكبرياءها محتسبة الأجر عند ربها وعينها على الجنة التي وُعدت بها في الآخرة. قال صلى الله عليه وسلم ( أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة ) الترمذي (1161)، ابن ماجة (1854)

ووالله قد سعدت في الدنيا المرأة المؤمنة القانتة الخاضعة لزوجها في غير معصية ربها، حتى أخضع الله عز وجل قلب زوجها لها فملكته والجزاء من جنس العمل، فهيئتها أنها ذليلة لزوجها وحقيقتها أنها عزيزة عليه جداً قد ملكت قلبه وسكنت في فؤاده.

ولكن كل وعد في شرع الله مشروط بشروط يتم بتمامها وينقص بنقصانها وينعدم بانعدامها.

وما شقيت أكثر النساء في حياتها اليوم إلا لأن القلوب أنكرت فطرة خالقها، وتنكرت لشرع ربها فخالفت أمره في الخضوع و الذلة للزوج، وهو الأمر الذي تكرهه نفوس النساء اللاتي لا يعرفن حب الإيمان وشرائعه.

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إنّي رسول النساء إليك، وما منهن امرأة إلا وتهوى مخرجي إليك، الله رب الرجال والنساء وإلههن، وأنت رسول الله إلى الرجال والنساء، كتب الله الجهاد على الرجال، فإذا أصابوا أثروا، وإذا استُشهدوا كُتبوا عند ربهم أحياء يُرزقون ، فما يعدل ذلك من أعمالهم من الطاعة ؟ قال صلى الله عليه وسلم (طاعة أزواجهن ، و المعرفة بحقوقهن ، وقليل منكن من تفعله ) رواه أحمد و الطبراني في الكبير، مجمع الزوائد (4/306)

انظري رعاك الله ما هو المطلب الذي أجمعت عليه نساء المسلمين؟! إنه الأجر والثواب، يُردْن المساواة مع الرجال في ذلك والله عز وجل قال: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً…)(النحل 97)

وقال تعالى: (وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ…) (غافر40)

وقال تعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ… )(آل عمران195)

فإذا كان الرجل يختلف عن المرأة في التكاليف والواجبات بالضرورة الشرعية والفطرية والعقلية فإن الله عز وجل قد سوّى بينهما فيما خلقا من أجله وهي العبادة والطاعة التى هي مقصود الوجود وغايته وجوهره، فكلاهما مخلوقان لعبادة الله ، ولكل منهما تكاليف شرعية تختص به ، ومن مقصود الشرع أن يكلفنا بما نحب وبما نكره ، فليست كل تكاليف الدين محببة للنفوس، ومن مقصود التكاليف الشرعية الابتلاء والاختبار ، قال تعالى: ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)(النازعات40-41)، فمن وفّى وفّى الله عز وجل له أجره، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه، والكريم على الله من اتقاه فعمل بطاعته، قال الله عز وجل (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات12)، بلا تفرقة بين رجل وامرأة، وهذا كما قلنا هو الأمر الذي تكرهه نفوس النساء من فروض الدين تماماً كما أخبر الله عز وجل أن الجهاد المكتوب على الرجال تكرهه نفوس الرجال وهو من فروض الدين، قال تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(البقرة216)

فأين مطلب نساء المسلمين اليوم من مطلب نساء المسلمين بالأمس ؟! أين من يطالبون بالمساواة مع االرجال في أمور الدنيا بما يجلب الشقاء للجميع، أين هم ممن يبحثون عن أبواب التنافس مع الرجال في الأجر والمثوبة من الله ؟!

نسأل الله تعالى أن يرزقنا حب الإيمان وشرائعه، وأن يزين الإيمان في قلوبنا و يشرح له صدورنا وأن يُكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، وأن يجعلنا من الراشدين.

هذا والحمد لله رب العالمين.


خليجية
حبيبتي ام نورا

مرورك يسعدني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.