كلمات لمن تملك الحزن قلبه
…
فتكدرت به الأحوال
وأظلمت أمامه الآمال
فضاقت عليه الحياه على سعتها
وضاقت به نفسه
وأيامه وساعته وأنفاسه
لا تحزن
فالبلوى تمحيص
والمصيبة بإذن الله اختبار
والنازلة امتحان
وعند الامتحان يُكرم المرء أو يهان
ماذا عساه أن يكون سبب حزنك ؟
إن يكن سببه مرض
فهو لك خير .. وعاقبته الشفاء
وإن يكن سبب حزنك ذنب اقترفته
أو خطيئة فعلتها فتأمل خطاب مولاك
الذي هو أرحم بك من نفسك
وإن يكن سبب حزنك ظلم
حلّ بك أكان من قريب أو بعيد
فقد وعدك الله بالنصر
وعد ظالمك بالخذلان والذل
قال تعالى في الحديث
القدسي لدعوة المظلوم
{ وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين }
وإن يكن سبب حزنك الفقر والحاجة
فاصبر وأبشر
وإن يكن سبب حزنك
انعدام أو قلة الولد
فلست أول من يعدم الولد
ولست مسؤول عن خلقه
قال تعالى
لله ملك السماوات والأرض
يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا
ويهب لمن يشاء الذكور ، أو يزوجهم
ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما
فهل أنت من شاء العقم ؟
أم الله الذي جعلك بمشيئته كذلك
وهل لك أن تعترض على حكم الله ومشيئته
أم هل لاحد أن يلومك على ذلك
إنه إن فعل كان معترضاً على الله لا عليك
ومغالباً لحكم الله ومعقّباً عليه
فعلام الحزن اذآ والأمر كله لله
لا تحزن .. مهما بلغ بك البلاء
وتذكر أن ما يجري لك قضاء يسري
وأن اليل وإن طال فلا بد من الفجر
وإليك أخي وأختي فى الله
كلمات نيرة تدفع بها الهموم
وتكشف عنك بإذن الله الأحزان
إنسى الماضي مهما كان أمره
انساه بأحزانه وأتراحه
فتذكره لا يفيد في علاج الأوجاع شيئاً
وإنما ينكد عليك يومك
ويزيدك هموماً على همومك
فلا تحطم فؤادك بأحزان ولّت
ولا تتشاءم بأفكار ما وجدت!
وعش حياتك لحظة بلحظة
وساعة بساعة .. ويوماً بيوم !
تجاهل الماضي
وارمِ ما وقع فيه في سراب النسيان
وامسح من صفات ذكرياتك الهموم والأحزان
ثم تجاهل ما يخبئه الغد
وتفائل فيه بالأفراح
ولا تعبر جسراً حتى تقف عليه
فالماضي عدم .. والمستقبل غيب !
اشغل نفسك
في الصلاة .. في ذكر الله ..
في قراءة القرآن .. في طلب العلم ..
في التشاغل بالخير ..
في معروف تجده يوم العرض على الله ..
يوم تسعد ..
أشغل فيه نفسك بالأعمال النافعة ..
واجتهد في لحظاته بالصلاح والإصلاح ..
استثمر فيه لحظاتك
{ يوم تجد كل نفس ما عملت
من خير محضرا وما عملت من سوء
تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا }
ثانياً
تعبد الله بالرضى ..
اجعل شعارك عند وقوع البلاء :
إنا لله وإنا إليه راجعون ،
اللهم أجرني في مصيبتي ،
واخلف لي خيراً منها ..
اهتف بهذه الكلمات عند أول صدمة ..
تنقلب في حقك البلية مزية ..
والمحنة منحة .. والهلكة عطاء وبركة !
تأمل في أدب البلاء في هذه الآية :
{ ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع
ونقص من الأموال والأنفس والثمرات
وبشر الصابرين ، الذين إذا أصابتهم مصيبة
قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم
صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون }
لا تحزن
فالبلاء جزء لا يتجزء من الحياة
لا يخلو منه غني ولا فقير .. ولا كبير ولا صغير
ولا ملك ولا مملوك .. ولا نبي مرسل
ولا عظيم مبجل .. فالناس مشتركون في وقوعه
ومختلفون في كيفياته ودرجاته
{ لقد خلقنا الإنسان في كبد }
لا تحزن
واستشعر في كل بلاء أنك رشحت لامتحان من الله !
تثبت وتأمل وتمالك وهديء الأعصاب
وكأن منادياً يقول لك في خفاء , هامساً ومذكرا ً:
أنت الآن في إمتحان جديد .. فاحذر الفشل
ثالثا : لا تقلق
فالمريض سيشفى .. والغائب سيعود
والمحزون سيفرح .. والكرب سيرفع
والضائقة ستزول .. وهذا وعد من الله
إن الله لا يخلف الميعاد ..
( فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا )
لا تحزن
فإنما كرر الله اليُسْر في الآية
ليطمئن قلبك .. وينشرح صدرك
وقيل
{ لن يغلب عُسر يُسر }
رابعا: اجعل همك في الله
إذا اشتدت عليك هموم الأرض
فاجعل همك في السماء
لا تحزن
فرزقك مقسوم .. وقدرك محسوم
وأحوال الدنيا لا تستحق الهموم
لأنها كلها إلى زوال
وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور
وإذا آوى إليك الهم
فأوي به إلى الله
والهج بذكره
(رب إني مغلوب فانتصر )
فكلها أوراد شرعية
يُغفر بها الذنب ويَنفرج بها الكرب
اطلب السكينة في كثرة الإستغفار
استغفر بصدق مرة ومرتين ومائة ومائتين وألف
دون تحديد متلذاً بحلاوة الإستغفار
ونشوة التوبة والإنابة
" إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين "
اطلب الطمأنينة في الأذكار بالتسبيح ، والتهليل
والصلاة على النبي الأمين
وتلاوة القرآن
لا تحزن
وافزع إلى الله بالدعاء
تضرع إلى الله في ظلم اليالي
وأدبار الصلوات .. اختل بنفسك في قعر بيتك
شاكياً إليه .. باكياً لديه .. سائلاً فَرَجه ونَصره وفتحه
وألحِّ عليه كثيراً.. مرة واثنتين وعشراً
فهو يحب المُلحين في الدعاء
فلا تحزنوا وكل مصابكم بلاء
يمتحن الله به عباده المؤمنين
وما ذلك إلا دليل محبته تعالى
فالحمد لله في السراء والضراء