فأدرك الرجل وعرف وقال مخاطباً عمر : عدلت فأمنت فنمت يا عمر وكان الله يلقي هيبته حتى على الشياطين وليس الإنس فقط فقد قال حضرة النبي في عمر : ما سلك عمر طريقاً إلا وسلك الشيطان طريقاً آخر وقال في الحديث الآخر ، عندما وجدهم يتكلمون عن عمر {إن الشيطان ليفرق منك يا عمر}[1] عندما يراه الشيطان يخاف ويجري وذلك لأن الله ألبسه ثوب الحق لما كسا قلبه ثوب الصدق وألقى عليه مهابة من عنده فأصبحت هذه المهابة بدون جنود ولا بنود ولا حشود لأنها مهابة الواحد الأحد وهذه هي مهابة الصالحين والمتقين
السيدة زبيدة زوجة هارون الرشيد عندما كانت تنظر في يوم ووجدت آلاف مؤلفة تتزاحم على رجل منهم من يريد أن يقبِّل يديه ومنهم من يريد أن يقبِّل قدميه فسألت من هذا؟ فقالوا: إنه السيد موسى الكاظم ابن بنت رسول الله السيدة فاطمة فقالت : هذا هو الملك لا ملك هارون الذي يُجمع له الناس بالجنود والحراس وعندما ذهب هشام بن عبد الملك ليطوف بالبيت الحرام – وكان الخليفة في ذلك الوقت – فلم يهتم به الناس ووجد زحاماً فاستدعى العسكر لكي يخلون له الطريق ليطوف وأثناء طوافه وجد رجلاً قادما فأخلى له الناس المطاف كله وكذلك أخلو له أمام الحجر الأسعد لكي يقبله وسأل واحدا من الحاشية عن هذا الرجل؟ ومع أن هشام بن عبد الملك يعرفه إلا أنه قال : لا أعرفه لأنها السياسة وكان من ضمن الموجودين مع الخليفة الشاعر الفرزدق فقال للسائل :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والحلُّ يعرفه و البيت و الحرم
هذا ابن بنت رسول الله فاطمة هذا ابن خير الخلق كلهم
وكان سيدنا علي زين العابدين وهذه هي المهابة التي يلقيها الله على أحبابه حتى أن الملوك تخضع لهذه الهيبة والأسود تنزوي من بأس هذه الهيبة والملك علواً وسفلاً يخضع لهذه الهيبة لأنها هيبة الله جل في علاه هذه الهيبة جعلها الله لكل مسلم ومسلمة بشرط {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} فإذا تأسى المرء منا برسول الله فإن الله يخلع عليه وراثة لرسول الله هيبة كالهيبة التي أعطاها لرسول الله صلي الله عليه وسلم على قدره فلن يأخذ كل الهيبة التي أخذها رسول الله ولكن يأخذ على قدره على قدر تقواه وعلى قدر خوفه من الله وعلى قدر إقباله على مولاه جل في علاه فلو استمسك المسلمون لأنتهي الأمر
فإن الملوك كانت تخشى بأس أصغر مسلم من المسلمين عندما كانت لهم هيبة برب العالمين وكان هارون الرشيد ملك المسلمين عندما هم ملك ألمانيا أن يجتاح فرنسا واستنجد شارلمان ملك فرنسا بهارون الرشيد فأرسل هارون الرشيد إلى ملك ألمانيا رسالة فحواها "إما أن ترجع عما عزمت عليه وإلا سأرسل إليك جنداً أولهم عندك وآخرهم عندي " فاستعطفه الرجل وأرسل إليه بالهدايا وتأسف عما حدث منه لماذا؟ لأنه عرف أن هذا الرجل قوي والعالم لا يعترف إلا بالأقوياء ويهزأ بالضعفاء فلو أنك كنت قوياً لاحترمك الكلُّ وعظَّمك وخشي بأسك وسطوتك ولو كنت ضعيفاً فإن الكلَّ يستهتر بالضعيف رأيتم كيف كنا والأمثلة لا تعد ولا تحصى
واليوم تجد المسلمين قاعدين ليشاهدوا المسلسلات ومعاركهم الحربية هي المباريات أليست هي معاركنا الحربية الآن؟ وقد علق الشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله تعليقاً ساخراً على مثل هذه المعـارك الكروية فقد تكلم ذات مرة في إحدى خطبه قائلاً " رأيت مظاهرة كبيرة في القاهرة تتجاوز المليون فقلت : ماذا حدث؟ هل دخلنا تل أبيب ؟ قالوا : لا .. قلت : هل حررنا سيناء ؟قالوا : لا … قلت : ماذا حدث إذاً؟ قالوا: الجنرال مصطفى عبده سجل هدفا في إحدى مباريات كرة القدم " وهذا كلام الشيخ كشك وهو حقيقة ولكن حقيقة مُرة وهو ما نحن فيه ونتيجة المقارنة متروكة لك أيها القاريْ الكريم
[1] عن عبد الله بن بريده عن أبيه سلسلة الصحيح للألباني , يفرق أي يرعد و يخاف
منقول من كتاب [ واجب المسلمين المعاصرين نحو رسول الله]
للشيخ فوزى محمد أبو زيد
ثاانكس حبيبتي
ننتظر ابداعتك وجديدك
ومن افضل ان شاء الله الى الافضل والافضل
تقبلي مروي